(إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً)
(وَقالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً) من دون أن أقصّر في ما كلفتني وأمرتني بالقيام به من إبلاغ وإنذار ، وابتعدوا عني إلا قليلا منهم. ولكن الله سبحانه يوحي إليه بأن الدعوة تصنع أعداءها كما تصنع أصدقاءها ، فإن أفكارها تستثير الناس الذين يفكرون بطريقة مغايرة ، ويتحركون من الموقع المضاد ، فيقفون ضدّها لحماية أفكارهم ومصالحهم وأوضاعهم التي يخافون عليها من حركة الدعوة الجديدة. وهكذا يتجمع الأعداء في روحية الاجرام ليعملوا بكل وسائلهم في إسقاط الرسالة والرسول.
(وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ) الذين يعيشون الجريمة في مستوى الفكر ، فيعملون على قتل الحق بأضاليلهم الفكرية ، كما يعيشونها في مستوى الحركة ليسقطوا الذكر الإلهي في مشاريعه التغييرية ، بكل وسائلهم الإجرامية .. ولكنهم لن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا ، فلن يستطيعوا إضلال الرسول عما يدعو إليه من الهدى ، ولن يتمكنوا من إسقاط الرسالة في تأكيد وجودها على الأرض ، لأن الله سينصر نبيّه ويهديه ، وإذا أراد الله أن يهدي أحدا فلن يضله أحد ، وإذا أراد أن ينصره فلن يهزمه أحد ، لأنه يكفي من كل شيء ولا يكفي منه شيء ، (وَكَفى بِرَبِّكَ هادِياً وَنَصِيراً) في خط الهداية ، وفي حركة الصراع من أجل النصر.
* * *