عدم مصداقية الكفار في اتهام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
كيف يثير هؤلاء اقتراحاتهم أمام دعوة النبي ، وكيف يطلقون التحديات في مواجهتها ، فهل هم جادّون في ذلك ، أو أنهم يتحدثون بطريقة غير مسئولة من أجل إثارة الأجواء التي تبعد الساحة عن التفكير في القضايا الفكرية العقيدية التي دعا إليها النبيّ ، كما يفعل الكثيرون الذين لا يريدون للناس أن يستغرقوا في الدعوة التي يقدّمها المفكرون والمصلحون إليهم ليفكروا فيها وفي مضمونها ليقتنعوا بها ، أو ليدخلوا معهم في حوار حولها ليكون ذلك سبيلا لإدخالها إلى مناطق التفكير الجادّ لديهم ، فيبادر أولئك المعارضون لطرح أمور هامشية بعيدة عن المواقع الحقيقة للدعوة ، بالتأكيد على شخصية الداعية ، أو بإثارة الشكوك حوله أو حول الدعوة ، ليثور الجدل في ذلك بدلا من أن يتحرك في القضايا الأصليّة؟!
كيف يطلب هؤلاء منه أن يقوم بتلك الأعمال الخارقة التي لا يستطيع أيّ بشر بقدرته العادية أن يحققها ، وهل كانت دعوى النبوّة تعني القيام بمثل ذلك أو تختزن في مضمونها ادّعاء القدرات الغيبيّة أو العمق الإلهيّ الذي يمكنه من تحقيق ذلك؟ لقد كان النبيّ يعلن دائما أنه بشر يحمل الرسالة ، مما يعني اقتصار العلاقة الإلهية المميزة بشخصيته ، التي يختلف بها عن بقية الناس ، على الوحي الذي ينزله الله عليه ليبلغه للناس كرسالة إلهية ، بعيدا عن كل شيء آخر ، لأن ذلك هو دور النبي في الحياة ، فليس دوره أن يغيّر صورة العالم في صفته التكوينية ، بل كل دوره أن يغيّره في صفته الفكرية والعملية في حركة الحياة والإنسان. حتى المعجزة ، ليست غاية في الرسالة ، بل هي وسيلة لمواجهة التحدي الكبير حولها ، ولم تكن بقدرة النبيّ بل كانت بقدرة الله.
* * *