(الْغابِرِينَ) : جمع الغابر ، وهو الباقي.
* * *
لوط يحاور قومه من موقع الرسالة
وهذا نبيّ آخر جاء برسالة الله إلى قومه ليواجه الانحراف الأخلاقي الذي يتميزون به في سلوكهم الجنسي الشاذ المذكّر ، فأراد أن يعالج المسألة الأخلاقية لديهم من خلال المسألة العقيدية الروحية التي يرتبط الإنسان فيها بالله ليطلّ على تفاصيل الحياة ومفرداتها العملية من هذا الموقع الثابت في الفكر والإحساس والواقع ، الأمر الذي يوحي إلينا ، أنّ الانحراف العملي لا يعالج بالطريقة المباشرة التي تخاطب مفرداته وخصوصياته بشكل مباشر ، بل بالطريقة الفكرية التي تمتد إلى جذور العقيدة والروح والإحساس وتتحرك في مفردات الحياة كلها ، لأن ذلك هو الذي يخلق الحوافز العميقة التي تدفع إلى الطاعة في أوامر الله ونواهيه. فإذا كان الإنسان لا يعيش روح التقوى لله ، فكيف يمكن أن تقنعه ـ بشكل أساسي ـ أن يترك لذاته وشهواته التي يحبها ويرتاح إليها؟
* * *
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ)
(كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ) لأنهم انطلقوا في حياتهم من القاعدة الغريزية في حركة الفكر والسلوك ، ولم ينطلقوا من الرسالات الإلهية التي تتابعت في مدى الزمن بتتابع الرّسل لتأمر الناس بتقوى الله وطاعة رسله في كل قضايا الحياة وأوضاعها ، (إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ) وقد ذكر البعض أن لوطا لم