وكل مشكلة. وهذا الذي أشارت إليه الفقرة التالية.
(كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ) والفؤاد يعني الشخصية العقلية والروحية التي قد تتعرض للاهتزاز بفعل المشاكل والتحديات التي تثير الإحساس السلبي وتهزّ القلب بالآلام ، فكأن القرآن يحتوي ذلك كله ، في ما يمنحه من وضوح الرؤية للأشياء بالمستوى الذي يفهم فيه طبيعة الموقع الذي يقف فيه ، ونوعية الخط الذي يسير عليه ، والهدف الذي يسعى إليه ، فلا يبقى هناك مجال للاهتزاز الروحي والنفسي والعملي.
وإذا كان الله يتحدث عن تثبيت النبي ، فإنه يتحدث عنه بصفته القيادية من موقع انفتاحه على الأمة ، وقضاياها التي تتطلب معرفة الحلول الطبيعية لها من خلال وحي الله.
* * *
سير النبي في خط التكامل
وقد نستوحي من ذلك ، أن الله يثبّت رسله بوحيه ليتكاملوا بطريقة تدريجية في الانطلاق باتجاه مدارج الكمال ، إذ يريد لهم وعي الفكر ، وحركية الخط ، وحلّ المشكلة ، وثبات الموقف ، مما يوحي بأن مسألة الكمال النبوي ليس مسألة دفعيّة حاسمة ، وليس في هذا أي منافاة مع عصمتهم ـ عليهمالسلام ـ لأن هناك فرقا بين ما هو الخطأ ، في ما يمارسه الإنسان ، وبين ما هو التكامل في ما يريد أن يسمو فيه وينطلق أو يبلغه من مواقع السموّ والكمال.
وهكذا أراد الله للقرآن أن ينزل على دفعات ليثقّف الأمة بأفكاره وتعاليمه بطريقة تدريجية لتثبيت القيادة ، ولتركيز القاعدة على أساس الخط المستقيم ، وتوجيه المسيرة على أساس حركة النظرية في موقع التطبيق.
(وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) فأنزلنا الآية عقيب الآية ، والسورة بعد السورة ، كما