تبارك الله
(تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) الذي اقترحوه عليك من الكنز والجنة أو ما شابه ذلك ، (جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً) فإن الله الذي خلق الكون كله وخلق الإنسان فيه ، لا يعجزه شيء من ذلك ، ولكن ، لماذا يجعل لك ذلك بطريقة غير عادية ، من دون حاجة بك إلى ذلك ، لا من جهة الدور ، ولا من جهة الذات؟ هل يجعل ذلك لأنهم اقترحوه عليك ، وهل يمكن أن يقف النبي أمام الناس ليكون كل عمله أن يواجه في كل يوم اقتراحات جديدة في تغيير الأوضاع الكونية ، ليرضي هذا أو ذاك في أساليب لا توحي بالجدّية في الطرح ، بل توحي باللعب؟!
وقد نستوحي من هذا الرد الإلهي على اقتراحاتهم التعجيزية للنبي أن المسألة المطروحة في ما قد يشاء الله تحقيقه للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هي الجنات في الدنيا لا في الآخرة خلافا لما ذكره البعض ، وذلك من خلال طبيعة الجو الذي توحي به الآية.
* * *
مصير المكذبين بالرسالة
(بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ) وأنكروا الحساب ، فلم يتحركوا في مواقع الرفض والقبول ، والإيمان والكفر ، من الإحساس بالمسؤولية ، بل تحركوا من موقع اللهو واللعب واللامبالاة ، مما جعلهم لا يفكرون بالقضايا المصيرية ، في ما يتصل بالنبوّة من مسألة المصير ، بالطريقة الدقيقة التي تحسب حساب الواقع