مواجهة التحديات ، ولتؤكد للمعاندين قدرة الله على إنزال العذاب بهم في الدنيا ، كما أنزل على غيرهم من الأمم السابقة لو لا مشيئته في تأخير ذلك لحكمة يعلمها ـ سبحانه ـ.
وتقف ـ بداية ـ قصة موسى في الواجهة ، في تفصيل واف يرصد مفرداتها بشكل دقيق ليوحي بالمواقف من مواقع العبرة الحيّة الفاعلة.
* * *
الدين يواجه الظلم
(وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا الناس وعاثوا في الأرض فسادا. وقد انطلق النداء ليؤكد على حقيقة دينيّة حاسمة في موقف الدين من الظلم والظالمين ، وهي أن الرسالة تتحرك في إرادة الله لإرسال رسول ، على أساس وجود ظلم ضاغط على حرية الناس وحياتهم ، مما يفرض مواجهة الموقف برسالة كاملة شاملة تنطلق في حركتها من قاعدة التوحيد لله الذي يوحد الألوهية في ذاته ، ويحصر العبادة به ، ويرفض عبادة غيره ، مهما كانت منزلته ودرجته ، ليكون التحدي للظلم والظالمين من خلال القاعدة ، لا من خلال الحالة الطارئة ، مما يجعل الموقف أكثر قوّة ، وأشد صلابة ، لأن انطلاق التحدي من الجذور يختلف عن انطلاقه من السطح. وهكذا أراد الله لنبيه موسى أن يتوجه إلى موقع السلطة الأقوى في ساحات الظالمين (قَوْمَ فِرْعَوْنَ) الذي سعى ليفرض نفسه ربّا على المستضعفين من الناس من خلال قوته وملكه ، وذلك بفعل طاعة قومه له وانقيادهم لإرادته ، وخضوعهم لسلطاته والتفافهم حوله على خط العصبية العائلية أو على الطمع في حطام الدنيا ، (أَلا يَتَّقُونَ) الله ، ويخافونه ، ويحسبون حساب الدار الآخرة ، في ما يمكن أن