جميعا ، فهذا ما لم يسمع به ولم يخطر له على بال.
وربما كان يحاول أن يشغل الجوّ من حوله بعلامات الاستفهام التي تحوّل المسألة إلى جدل بيزنطيّ يخفف من تأثير موسى عليه ، وذلك بالإيحاء بأن المسألة التي يثيرها موسى عن رب العالمين من خلال دعواه بأنه رسول من قبله ، من المسائل المثيرة للجدل ، لإبعاد الوجدان الشعبي العفوي عن الارتباط بها من أقرب طريق ، كما يفعل الكثيرون الذين يعملون على المناقشة في الأمور البديهية ، لتوجيه الأنظار بعيدا عن طبيعة البداهة فيها ، بالإيحاء بأنها قابلة للأخذ والرد.
* * *
مناقشة مع صاحب الميزان
وقد يثير بعض المفسرين المعنى التفسيري الإيحائي في اتّجاه آخر ، وهذا ما ذكره صاحب تفسير الميزان ، وذلك من خلال الانطلاق من طريقة الوثنيين في تصوّر مسألة الألوهية «فهؤلاء يرون أن وجود الأشياء ينتهي إلى موجد واجب الوجود هو واحد لا شريك له في وجوب وجوده ، هو أجلّ من أن يحدّه حدّ في وجوده ، وأعظم من أن يحيط به فهم أو يناله إدراك ، ولذلك لا يجوز عبادته ، لأن العبادة نوع توجّه إلى المعبود ، والتوجّه إدراك.
ولذلك بعينه ، عدلوا عن عبادته والتقرب إليه إلى التقرب إلى أشياء من خلقه ، ذوي وجودات شريفة نورية أو نارية هي مقرّبة إليه ، فانية فيه ، من الملائكة والجنّ والقدّيسين من البشر المتخلصين من ألواث المادّة الفانين في اللّاهوت الباقين بها ، ومنهم الملوك العظام أو بعضهم عند قدماء الوثنية ، وكان من جملتهم فرعون موسى ، وبالجملة ، كانوا يعبدونهم بعبادة أصنامهم