يستطيع أن يحيط بها سواه ، لأنه الذي خلق الكون كله ، فهو يعلم السرّ الخفيّ الكامن فيها كما يعلم الأمور الظاهرة ، ولذلك فلا بد لكم من دراسة هذا الوحي الذي أنزل عليكم من موقع العمق والدقّة في الفهم والتحليل ، حتى تدركوا أنه لا يمكن أن يكون قول بشر ، لأن الأسرار الكامنة في حقائق القضايا والمفاهيم والتشريعات التي يتضمنها ، ليس باستطاعة الناس إدراكها. فقد يملك الناس معرفة الأمور التي تعيش في داخل تجربتهم الفردية والجماعية ، ولكنهم لا يملكون المعرفة التي تبتعد عن مواطن الحس ومواقع الفكر ، مما في آفاق السماء ، وأعماق الأرض ، لأن ذلك يحتاج إلى بعض الوسائل التي لا تتوفر لديهم إلا بعد جهد كبير في زمن طويل ، فلا بد لهم من التفكير في المسألة من هذا الجانب ، من دون عقدة ، ليعرفوا كيف يمكن لهم مواجهة الموقف في حركة الرفض والقبول.
(إِنَّهُ كانَ غَفُوراً رَحِيماً) فهو لا يعامل عباده بمثل أعمالهم ، فيتركهم لأنفسهم ليضيعوا في متاهات الجهل ، وليضلوا عن طريق الصواب ، بل يغفر لهم جهلهم ، فيوحي إليهم بما يفتح لهم أبواب العلم ، لينفتحوا عليه من موقع الإيمان ، وعلى الحياة من موقع المعرفة الواعية الشاملة ، ويرحمهم بما يرسله إليهم من الرسل الذين يبلغونهم رسالاتهم ، ويلطفون بهم في أسلوب التبليغ ، ويعلمونهم كل ما يجهلونه ، مما يتصل بمصيرهم العملي في الدنيا والآخرة.
* * *
استنكار الكفار لبشرية الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
(وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ) أي ما لهذا الذي يدعي الرسالة في شخصيته يصف نفسه بالرسول ، وهو لا يملك من