الخلائق كلهم ، وأيّ سبيل أضلّ من السبيل الذي يؤدّي إلى النار حيث يعيش الإنسان الشقاء الدائم الذي لا سعادة بعده ، وأيّ ضلال أكثر بعدا من الضلال الذي يبتعد فيه الإنسان عن الله وعن لطفه ورحمته وعفوه ، فلا يأوي إلى رضوانه؟!
وقد جاء الخلاف بين المفسرين حول المراد من الحشر على وجوههم ، هل هو بمعناه الظاهر ، وهو الانتقال بهم وهم مكبوبون على وجوههم ، أو بمعنى السحب ، أو بمعنى الانتقال منكوسين أو كناية عن فرط الذل والهوان ، أو غير ذلك من حمل اللفظ على بعض الأمور المعنوية ، وذلك بمعنى أنهم يحشرون وقلوبهم متعلقة بالسفليات من الدنيا وزخارفها ، متوجهة وجوههم إليها؟ وليس هناك ما يمنع عن حمله على معناه الظاهر الذي يجسد ـ بحسب طبيعته ـ الذل والهوان ، والله العالم.
وهكذا كان الموقف من الرسالة والرسول بعيدا عن خط التوازن في التصور والحكم من خلال الخصوصيات الذاتية التي أثاروها حوله ، ولذلك كانت نتيجته العذاب في جهنم. وإذا كان هؤلاء المشاغبون في موقفهم من القرآن ، ممن يؤمنون بالرسل والرسالات السابقة ، كما قد يوحي به كلامهم ، فإن عليهم أن يستحضروا موسى وكتابه ، وغيره من الأنبياء ، ليعرفوا أن النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يكن بدعا من الرسل ، وأن كتابه لم يكن بدعا من الكتب المنزلة من الله.
* * *
تذكير المكذبين بمصير من قبلهم
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً) حيث يمثل ذلك التكامل في حمل الرسالة ، ومواجهة التحدي الكبير بالموقف الواحد الصلب. (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) التي تدل على توحيد الله