فرعون يذكر موسى عليهالسلام بنعمه عليه
(قالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ) فنحن نعرفك منذ كنت طفلا رضيعا ، وقد عشت معنا كما يعيش الولد في أحضان أهله ، فهم يعرفون نقاط ضعفه ، وطبيعة موهبته ، ومدى إمكاناته الفكرية ، وتطلعاته الروحية ، وعلاقاته ، ومواقعه ، فمن أين جاءتك هذه الأفكار المثيرة ، وكيف حدث لك مثل هذا الحدث العجائبي الذي تدّعي وجوده في شخصيتك ما لم نلمح له أيّ أثر لديك في ملامح تطوّرك ونموّك على مستوى المعرفة والسلوك؟! فلست إلا واحدا من هذا الشعب الضعيف المسحوق الجاهل ، الذي يدين بنعمته لمواقع الألوهية عندنا ، (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ) في قتلك للإنسان القبطيّ الذي يتميز بأصله وطبقته عليك مما يؤكد وجود طبيعة الجريمة في تفكيرك وأخلاقك ، بالإضافة إلى نزعة الفساد والإفساد الاجتماعي في سلوكك العملي ، فخلقت لنا المشاكل الأمنية من دون مبرّر ، ولم ترع حرمة التربية والرعاية التي منحناك إياها ، (وَأَنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) بالنعمة التي أغدقناها عليك ، فكيف يتناسب ذلك مع ما تدّعيه من الرسالة التي تستهدف الصلاح والإصلاح والخير والفلاح للناس كافة؟ وكيف يكون رسولا من يكفر بنعمة سيّده الذي ربّاه وأنعم عليه بعد أن أنقذه من الهلاك؟
* * *
كيف اعترف موسى عليهالسلام على نفسه بالضلال؟
(قالَ فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ) أي الجاهلين بالنتائج السلبية التي تترتب عليّ مما أدّى إلى أكثر من مشكلة اعترضت حياتي وأبعدتني عن أهلي وبلدي ، مع أن القضية كانت تحلّ بغير ذلك ، فلم أفعلها في حال الرسالة ، لتكون تلك