يتعرضوا له من عذاب النار جزاء معاونتهم للظلم والظالمين.
* * *
هل استعفى موسى عليهالسلام من ربه؟
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) لأنني أعرف فيهم الطغيان الذي يمنعهم من الإذعان للرسالة ويدفعهم إلى احتقار الناس من حولهم ، ممن هم دونهم في الطبقة الاجتماعية ، الأمر الذي يدعوهم إلى تكذيبي لما أبلّغهم من رسالاتك ، فلا فائدة من إرسالي إليهم ، لأن النتيجة معلومة بالرفض ، (وَيَضِيقُ صَدْرِي) في مواجهة الضغط الذي أتعرض له منهم مما لا أستطيع تحمّله في قدرتي الذاتية (وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي) مما أعانيه من حالات احتباس الكلام حيث لا يسمح لي بالحوار والجدال وإدارة الصراع بالكلمات القويّة والأسلوب اللبق (فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ) ليكون عونا لي على أداء الرسالة ، لما يتميز به من صفات تسد النقص الذي أعاني منه كفصاحة اللسان ونحوها ، (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ) فقد قتلت شخصا منهم (فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) ثأرا له.
ونتساءل ، هل هو استعفاء من موسى عليهالسلام وهروب من تأدية الرسالة على أساس نقاط الضعف الذاتية التي تحدث عنها ، وعن المخاوف التي تطوف في ذهنه أمام القيام بهذه المهمة الصعبة؟ وكيف يرفض رسالة الله إليه ، وكيف يهرب من مسئوليته؟ والجواب : إن المسألة ليست مسألة استعفاء وهروب ورفض ، بل هي مسألة شعور بالحاجة إلى المساعد والمعين بالنظر إلى المشاكل التي تنتظر المهمة والمخاوف التي تحيط بها. وبذلك فإنه يبحث عن الوسيلة التي تحقق للرسالة قوّتها وسلامتها ، ولذلك لم يطلب من الله إعفاءه من الرسالة ، بل طلب مشاركة هارون له في ذلك.