(قالَ كَلَّا) لن ينالوا منكما بسوء ، لأن الله سوف يحميكما من بطشهم بحمايته ، فتقدما معا إلى فرعون وقومه ، (فَاذْهَبا بِآياتِنا) التي ستقهر موقفه وموقفهم ، فلن تذهبا مجردين من السلاح ، بل تكون الآيات المعجزة الدالة على العمق الإلهي للرسالة هي السبيل إلى هزيمة جبروته ، (إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ) في إيحاء إلهيّ بالرعاية المباشرة من الله لهما ، فلا مجال للخوف من سطوة فرعون ، لأن الله رب العالمين يشرف من موقع علمه وقدرته المطلقة على الساحة كلها ، فهو يسمع كل الكلمات ويعرف كل نتائجها ومداليلها ، فعليهما أن يطمئنا ويأمنا ، وعلى الجميع أن يدركوا قوة الموقف الذي يملكه موسى في مواجهة فرعون أمام قوة الله سبحانه الذي يمنحهما قوة التحدي.
(فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) قولا له إن صفتكما التي تقابلانه بها ، ليست صفة الأتباع الذين يطلبون بركته ، ويتطلعون إلى عظمته ، ويتحركون طوع إرادته ، بل هي صفة رسول رب العالمين ، التي توحي بالقوّة والرهبة ، والعلوّ المهيمن على الموقع والكلمة والسلطة ، فهناك رب العالمين الذي يملك الأمر كله ، والحياة والموت بيده ، فلا موجود غيره ، إلا وهو مخلوق له ومفتقر إليه ، وخاضع لسلطانه ، وعبد له ، وخاشع أمامه ، ونحن هنا نتحدث إليك باسمه لأننا نحمل رسالته.
وجاء التعبير بالمفرد ، بدلا من المثنى ، إمّا باعتبار كل واحد منهما ، أو باعتبار وحدة الرسالة ، أو على أساس أن الرسول مصدر في الأصل ، فالأصل أن يستوي فيه الواحد والجمع.
* * *