ذلك كله ، فاسأله واستمع إليه وهو يبلّغ آيات ربه التي تفصل الكثير من صفات الله ، فهو الخبير بذلك كله.
(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ) الذي خلقكم من موقع رحمته التي امتدت إلى كل جوانب حياتكم فأفاضت عليكم النعم الوفيرة ، في كل زمان ومكان ، (قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ) كأنّهم لا يعرفون عنه شيئا ، كما لو كنت تحدثهم عن شخص بشري مسمّى بهذا الاسم ، إمعانا منهم في العناد والتجاهل والابتعاد عن مواجهة الحقيقة المطلقة المتمثلة بالله في إشراق نور معرفته التي تمتد في العقل والقلب والشعور ، وتتحرك في كل ظاهرة كونية من ظواهر الوجود ، ناطقة بعظمته ، دالة على وجوده ، ويتصاعد جوّ الاستكبار والإصرار في منطقهم ، ليتحدثوا معه من منطق الاستعلاء الذي يشعرون به تجاهه.
(أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) هل أنت الشخص الذي يفرض إرادته علينا بالسجود لمن لا نعرفه ، أو لما لا نعرفه ، وإن لم نقتنع به ، فمن أنت؟ وما موقعك؟ وبم امتزت علينا لنطيعك في ما تأمرنا ، ولنتعبد بأقوالك وتعليماتك؟
(وَزادَهُمْ نُفُوراً) وهروبا منه وابتعادا عنه ، لأنهم لا يريدون الالتزام بالخط المستقيم الذي يحررهم من كل عوامل الانحراف ، ومن نوازع العبودية والخضوع للشيطان.
* * *
الداعية ومواجهة أسلوب المشركين
وقد نلاحظ في أسلوب المشركين ، أن المسألة عندهم لم تكن مسألة مناقشة الرسول في طرحه عليهم عبادة الله الرحمن ، بل كانت مسألة هروب من الدخول في البحث الجدّي للقضية ، لأنهم كانوا يستهدفون مواجهة الدعوة بكل