يتوكل على الحيّ الذي لا يموت ، لا يمكن أن يخشى أو يخاف من الذي يعيش المدة المحدّدة التي تنتهي بالموت.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) وأذكره بالتعظيم في موقف الثناء عليه ، لتتعرف على دلائل عظمته وآفاق حمده من خلال صفاته في كماله وجلاله وجماله ، مما يملأ روحك وعقلك وضميرك بالخشوع بين يديه ، والخضوع لقدرته التي لا نهاية لها ، وتطلع إليه في عمله الذي لا حدّ له في إحاطته بشؤون عباده إن أحسنوا أو أساؤوا.
(وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً) فهو المطّلع على سرّهم وعلانيتهم ، فلا يفوته شيء مما يضمرونه أو يخفونه أو يظهرونه ، مما يفرض عليهم أن يراقبوه في كل أعمالهم ، فإن غفر لهم ، فبرحمته ، وإن عاقبهم فبعدله وحكمته من غير حاجة إلى من يعينه أو يعرّفه أيّ شيء.
(الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) وقد كان قادرا أن يخلقها بلحظة واحدة ، ولكن المسألة تتعلق بحاجة المخلوق إلى الوقت في وجوده ، لا إلى حاجة الخالق إليه في طبيعة قدرته ، انطلاقا من حدود الموجود في شروط وجوده ، لا من حدود قدرة الخالق في ذلك.
(ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) الذي هو كناية عن الملك ، باعتباره من لوازمه ، وقد يجسد الموقع الأعلى في الوجود من خلال استتباع سيطرته عليه وعلى كل ما تحته من موجودات بطريقة كنائية. وفي كلتا الحالتين ، فإن الاستواء لا يعني التجسد الذي توحي به الكلمة في مدلولها الحرفي ، بل يعني السيطرة التي يوحي بها معناه من الاستيلاء على الموقع كله ، كإشارة للسيطرة في الملك والقدرة والاحتواء ، (الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) إن هذا الخالق هو الرحمن الذي أنشأ الخلق برحمته والذي أبدع التدبير من خلالها أيضا. فهل تريد أن تعرفه بدلائله وبراهينه ومواقع معرفته؟ فتعال إلى الرسول الذي يملك معرفة