(وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ) فيما تمثله الفراهة ، من معنى البطر ، أو الاتصال وانفتاح النفس على سعة الأفق ورحابته.
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ) فإن هذه النعم المحيطة بكم هي المدخل الذي يطلّ بكم على عظمة الله ورحمته ، ويقودكم إلى طاعته عبر شكر النعمة.
* * *
لا تطيعوا أمر المسرفين
(وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ) الذين أسرفوا على أنفسهم بالكفر والشرك والانحراف عن طاعة الله ، لتأكيد امتيازاتهم واستكبارهم وظلمهم للمستضعفين ، وهم الطبقة المترفة من أفراد المجتمع ، من أشراف القوم وساداتهم الذين أصرّوا على البقاء في مواقعهم الفكرية والعملية ، بعيدا عن التغيير المنطلق من الدليل والحجة والبرهان (الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ) من خلال أفكارهم الكافرة ، وعباداتهم المشركة ، وتقاليدهم المنحرفة ، وعلاقاتهم الفاسدة ، وأفعالهم الشرّيرة ، مما يؤدي إلى اختلال النظام العام في الوجود الإنساني في الأرض ، وإلى إفساد الحياة من حولهم مما يرفضه الله من كل عباده ، إذ حمّلهم مسئولية الإصلاح في أنفسهم وفي الناس ، على مستوى الدعوة والعمل ، لينسجم النظام الإنساني مع النظام الكوني في عملية تكامل وتوافق وامتداد.
وإذا كان الله يريد الحياة على أساس إقامة النظام العام في حركة الإنسان ، فلا بد من أن يتحمل الناس البسطاء مسئولية التمرد على هؤلاء المسرفين المفسدين في الأرض.
(قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ) الذين خضعوا لألاعيب السحرة في عقولهم