ومجىء الشّجرة إليه (١).
الثّالث : انّ كلّ من ادّعى النّبوّة وظهر على يده المعجزات (٢) يجب أن يكون صادقا ، وذلك لأنّ المعجز من أفعال (٣) الله تعالى ـ كما ذكرنا ـ فلو كان المدّعي كاذبا في دعواه وأظهر [الله] المعجز على يده ، لكان تصديقا للكاذب ، وتصديق الكاذب قبيح. وقد ثبت أنّه تعالى لا يفعل القبيح ، فلا يجوز عليه تصديق الكاذب ، فثبت أنّه نبيّ صادق ، فيجب تصديقه في جميع ما أخبر به عن الله تعالى من
__________________
يقول الإمام الباقر (ع) :
إنّ رسول الله (ص) اتي باليهوديّة الّتي سمّت الشّاة للنّبيّ (ص) ، فقال لها : ما حملك على ما صنعت؟ فقالت : قلت : إن كان نبيّا لم يضرّه ، وإن كان ملكا أرحت النّاس منه ، قال : فعفا رسول الله (ص) عنها. انظر : الوسائل ٨ : ٥١٩ الباب ١٢ من أبواب أحكام العشرة ، ح ٣.
(١) ذكرها أمير المؤمنين (ع) في خطبته القاصعة [من نهج البلاغة : ٣٠١] قال : ولقد كنت معه (ص) لمّا أتاه الملأ من قريش ، فقالوا له : يا محمّد ، إنّك قد ادّعيت عظيما لم يدّعه آباؤك ولا أحد من بيتك ، ونحن نسألك أمرا إن أنت أجبتنا إليه وأريتناه ، علمنا أنّك نبيّ ورسول ، وإن لم تفعل ، علمنا أنّك ساحر كذّاب. فقال (ص) : وما تسألون؟ قالوا : تدعو لنا هذه الشّجرة حتّى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك ، فقال (ص) : إنّ الله على كلّ شيء قدير ، فإن فعل الله لكم ذلك ، أتؤمنون وتشهدون بالحقّ؟ قالوا : نعم ، قال : فإنّي سأريكم ما تطلبون ، وإنّي لأعلم أنّكم لا تفيئون إلى خير ، وإنّ فيكم من يطرح في القليب ، ومن يحزّب الأحزاب ، ثمّ قال (ص) : يا أيّتها الشّجرة ، إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر ، وتعلمين أنّي رسول الله ، فانقلعي بعروقك حتّى تقفي بين يديّ بإذن الله. فو الّذي بعثه بالحقّ لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دويّ شديد ، وقصف كقصف أجنحة الطّير ، حتّى وقفت بين يدي رسول الله (ص) ، وببعض أغصانها على منكبي ، وكنت عن يمينه (ص) ، فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا ـ علوّا واستكبارا ـ : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك ، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشدّه دويّا ، فكادت تلتفّ برسول الله (ص) ، فقالوا ـ كفرا وعتوّا ـ : فمر هذا النّصف فليرجع إلى نصفه ما كان ، فأمره (ص) فرجع ، فقلت أنا : لا إله إلّا الله ، إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول الله ، وأوّل من أقرّ بأنّ الشّجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقا بنبوّتك ، وإجلالا لكلمتك. فقال القوم كلّهم : بل ساحر كذّاب ، عجيب السّحر ، خفيف فيه ، وهل يصدّقك في أمرك إلّا مثل هذا (يعنونني). انظر : إعلام الورى : ٣١.
(٢) «ج» : المعجز.
(٣) «ج» : فعل.