العقلية في الأكناف ، وتداولتها ألسنة أصحاب التحصيل في الأطراف من زمن تأليفهما إلى الآن وقد خلا أكثر من سبعة قرون وهما سناما الكتب الدرسية من الكلامية والحكمة المشائية. ولم يأت أحد بعدهما مع طول العهد بتأليف يضاهيهما بل الكل يباهي بتعليمهما وتعلمهما اللهم إلا بالتعليق الإيضاحي على طائفة من مسائلهما ، أو الشرح التفصيلي عليهما.
ثم لا يعجبني أن أصف لك ما كابدته طول مدد مديدة في عمل هذا الكتاب القيم حتى استقام على هذا النهج القويم. فكأنك تظن بالنظرة الأولى أنه تأليف جديد عرضناه عليك ولكنه كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد للعلمين الآيتين على الإطلاق المحقق الطوسي والعلامة الحلي رضوان الله تعالى عليهما ، وقد قيض الله سبحانه لنا وأنفذ إنقاذه من دياجير تحريفات مظلمة مشوهة موحشة ينبئك عنها عرضه على ما طبع منه من قبل أي طبع كان.
ولما كان شهرة الكتاب وعظم شأنه وجلالة قدر ماتنه وشارحه المشتهرين في الآفاق قد أغنتنا عن الوصف والتعريف فإنما الحري بنا إراءة ما جرى على الكتاب وعمل فيه من جدد التصحيح بعون الهادي إلى الصواب وهو ما يلي :
أولا : أن أستاذنا العلامة الشعراني قدسسره الشريف كان شديد الاعتناء بالتجريد وكشف المراد ، فقد شرح آخر الأمر التجريد بالفارسية شرحا مجديا كثير الجدوى جدا وهو مطبوع مستفاد.
ولا أنسى إيصاءه لنا غير مرة في تضاعيف كلماته السامية في حضرته العالية بالعناية بذلك الكتاب المستطاب أعني كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد فقد اقتفينا أثره وأخذنا في سالف الزمان حين اشتغالنا في مدرسة المروي بطهران على واقفها التحية والرضوان وقد مضى إلى الآن أكثر من خمس وعشرين سنة ، في تدريسه وتصحيحه والتعليق عليه فقد صححناه بقدر الإمكان وعلقنا عليه تعليقات وحواشي من بدوه إلى ختمه وقد استنسخها غير واحد من الفضلاء بعد الاطلاع عليها والإقبال إليها.
وثانيا : كلما مست الحاجة في آونة دروسنا ، أو أثناء تأليفاتنا الحكمية والكلامية بل الرياضية إليه ، فحصنا مطالب البحث على التحقيق وزدنا عليها إضافات مما يليق