العقل عند نسبة الوجود إلى الماهية وليس لها تحقق في الأعيان لوجوه : منها ما هو مشترك ومنها ما هو مختص بكل واحد أما المشترك فأمران :
الأول : أن هذه الأمور تصدق على المعدوم فإن الممتنع يصدق عليه أنه مستحيل الوجود وأنه واجب العدم والممكن قبل وجوده يصدق عليه أنه ممكن وهو معدوم وإذا اتصف المعدوم بها كانت عدمية لاستحالة اتصاف العدمي بالثبوتي.
الثاني : يلزم التسلسل لأن كل متحقق فله وجود يشارك به غيره من الموجودات ويختص بنفس ماهيته وما به الاشتراك مغاير لما به الامتياز فوجوده غير ماهيته فاتصاف ماهيته بوجوده لا يخلو عن أحد هذه الأمور الثلاثة فلو كانت هذه الأمور ثبوتية لزم اتصافها بأحد الثلاثة ويتسلسل وهو محال.
قال : ولو كان الوجوب ثبوتيا لزم إمكان الواجب.
أقول : لما ذكر الأدلة الشاملة في الدلالة على أن هذه الأمور ليست ثبوتية في الأعيان شرع في الدلالة على كل واحد من الثلاثة فبدأ بالوجوب الذي هو أقربها إلى الوجود إذ هو تؤكده فبين أنه ليس ثبوتيا والدليل عليه أنه لو كان موجودا لكان ممكنا والتالي باطل فالمقدم مثله بيان الشرطية أنه صفة للغير والصفة مفتقرة إلى الموصوف فالوجوب مفتقر إلى ذات الواجب فيكون الوجوب ممكنا. وأما بطلان التالي فلأنه لو كان الوجوب ممكنا لكان الواجب ممكنا لأن الواجب إنما هو واجب بهذا الوجوب الممكن والوجوب الممكن يمكن زواله فيخرج الواجب عن كونه واجبا فيكون ممكنا هذا محال.
قال : ولو كان الامتناع ثبوتيا لزم إمكان الممتنع.
أقول : هذا حكم ضروري وهو أن الامتناع أمر عدمي وقد نبه هاهنا على طريق التنبيه لا الاستدلال فإن الامتناع لو كان ثبوتيا لزم إمكان الممتنع لأن ثبوت الامتناع يستدعي ثبوت موصوفه أعني الممتنع فيكون الممتنع ممكنا هذا خلف.