المناقشة أمران :
الأول : إن العبارة المذكورة بصدد تعريف موضوع العلم بعد الفراغ عن كبرى وجود الموضوع سواءاً كان واحداً أم متعدداً ، فلا تكون هذه الكبرى متعرضة للكبرى الأخرى أصلاً حتى تفيد وحدة موضوع العلم ، بل بيان لمعنى الموضوع سواء أكان واحداً أم كثيراً .
الثاني : إن الفلاسفة الذين طرحوا هذا التفسير لموضوع العلم لم يعتبروا الوحدة فيه ، بل لا مانع عندهم من كونه متعدداً إذا كانت هناك جهة تناسب بين الموضوعات المتعددة حتى يصح اعتبار العلم علماً واحداً ، والا كان تعدد الموضوع بلا جهة جامعة موجباً لتعدد العلم كما ذكر الشيخ الرئيس في الاشارات (١) ، وذكره الطوسي ايضاً في حاشيته عليه (٢) ، ومثل له بعلم الطب فإن موضوعه متعدد وهو بدن الانسان وأجزاؤه وأحواله والادوية والاغذية ولولا جهة التناسب بينها لكان العلم بتعددها متعدداً . كما أن وحدة جهة التناسب لا تستلزم وحدة الموضوع بمعنى المحور ، لأن الموضوع هو نفس الكثرات بدون مدخلية تناسبها في الموضوعية .
المناقشة الثانية : ما في تعليقة أجود التقريرات أيضاً ، وحاصلها : أن العارض الذاتي وهو الخالي عن واسطة في العروض لا يطرد لسائر العلوم ، فإن عوارض بعض العلوم مع واسطة في العروض لا بدونها فمثلاً في علم النحو لو قيل الكلمة ـ على نحو القضية المهملة ـ مرفوعة فإن الرفع من عوارض الكلمة بواسطة كونها مبتدأ أو فاعلاً ، ومع وجود الواسطة في العروض فقد عد الرفع والنصب من الحالات الإِعرابية المبحوث عنها في علم النحو مما يدل على عدم
__________________
(١) الاشارات ١ : ٢٩٨ .
(٢) شرح الاشارات ١ : ٢٩٨ .