لكن في حق الجاهل بالوضع لا في حق العالم به لئلا يلزم تحصيل الحاصل ، والاشكال المذكور بأن الملازمة الاعتبارية في حق الجاهل لغو لعدم انتقاله من اللفظ للمعنى بمجرد هذه الملازمة فيه : ان اعتبار الملازمة في حق الجاهل لم يقصد منه حصول الانتقال للمعنى عن طريق اللفظ بعد اعتبار الملازمة مباشرة وبدون واسطة حتى يرد اشكال اللغوية ، بل المقصود منه حصول الانتقال للمعنى بواسطة المرور بالمرحلة الثانية وهي سببية اللفظ مع القرينة للمعنى ، فالاعتبار للملازمة مع شريطة المرحلة الثانية من مراحل الوضع لا يكون لغواً بالنسبة للجاهل بهذا الوضع .
وحاصله : ان الاعتبار الأدبي الصادر من الواضع فرداً أو مؤسسة أو مجتمعاً هو جعل الهوهوية بين اللفظ والمعنى بهدف الوصول للهوهوية ، وقد أورد الاستاذ السيد الخوئي ( قده ) على هذا المسلك ثلاثة ايرادات :
الأول : ما ذكر في المحاضرات ومحصله : ان تنزيل شيء مكان شيء آخر يحتاج إلى مصحح والمصحح للتنزيل ترتيب آثار المنزل عليه على المنزل ، فمثلاً في قول الشارع ( الطواف بالبيت صلاة ) (١) نوع من التنزيل لم يصح ذلك الا باعتبار ترتيب آثار الصلاة ولوازمها على الطواف ، وهنا في مقامنا عندما يقوم الواضع بجعل الهوهوية بين اللفظ والمعنى فهذا نوع من التنزيل أي تنزيل وجود اللفظ منزلة وجود المعنى للهوهوية بينهما ، مع أنه لا تترتب آثار المعنى من طلبه أو النفور منه على اللفظ بمجرد هذا التنزيل فلا مصحح له (٢) .
ويلاحظ على هذا الايراد بأن اعتبار الهوهوية بين صورة اللفظ وصورة
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢١٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٢٢ .
(٢) محاضرات في اصول الفقه ١ : ٤١ .