على ضوء النظريتين الرابعة والخامسة تكون وحدة العلم اعتبارية لا واقعية .
النظرية الرابعة : ما طرحه الاستاذ السيد الخوئي ( قده ) في تعليقة أجود التقريرات ، من كون الميزان في وحدة العلم وكثرته مختلف حسب اختلاف غرض التدوين للعلم ، فإذا كان الغرض من تدوين العلم هو البحث عن حقائق الموجودات مثلاً كما في علم الحكمة فالمعيار حينئذٍ هو الموضوع ، وإذا كان الغرض منه البحث عن بعض المحمولات كالحركة مثلاً في أي موضوع كانت سواء أكانت أيناً أم كيفاً أم جوهراً فالميزان بالمحمول ، وإذا كان الغرض من البحث متعلقاً بما يوصل لغاية معينة وهدف معين فالمعيار حينئذٍ بالغرض كعلم المنطق الموصل لعدم الخطأ في الفكر ، فلا يصح جعل ميزان واحد للتمايز والاجتماع (١) .
النظرية الخامسة : وهي الصحيحة عندنا ، وبيانها في جانبين :
١ ـ الصحيح عندنا أن وحدة العلم وكثرته بالاعتبار والوضع لا أن الوحدة والكثرة أمران واقعيان ، وذلك لوجود الفرق الكبير بين الأمر الواقعي والأمر الاعتباري فإن الواقعي شيء ثابت سواءاً علم به الانسان أم لا ولا يتغير بتغير الأنظار والاتجاهات بخلاف الأمر الاعتباري فإن واقعيته باعتبار المعتبر ، ولذلك يختلف باختلاف الأنظار والآراء . ومن هنا نرى أن العلم الواحد قد يتحول لعلوم متعددة كعلم الطب مثلاً وعلم الهندسة ، أو تجتمع العلوم المتعددة في علم واحد كعلم المعرفة وعلم الوجود في الحكمة المتعالية ، مما يرشدنا لدوران وحدة العلم وكثرته مدار الاعتبار لا أنها أمر واقعي لا يتخلف ولا يختلف .
٢ ـ الوحدة الاعتبارية وإن كانت خاضعة لاعتبار المعتبر ولكنها لا تكون
__________________
(١) اجود التقريرات ١ : ٧ .