ثانياً : ان المتفاهم العرفي في مقام الاستعمال هو استعمال اللفظ في معنى واحد وأما استعماله في عدة معانٍ فهو خلاف المتبادر عرفاً لا يصار اليه الا مع القرينة ، ولعل هذا هو مقصود صاحب المعالم والقوانين (١) عندما أخذا في الموضوع له قيد الوحدة ، لأن جعل الوحدة جزءاً من الموضوع له واضح الفساد ، إذ لا يجتمع ذلك مع قصد معنى آخر من اللفظ لا حقيقة ولا مجازاً ، فالمناسب حينئذٍ أخذ الوحدة في مقام الظهور لا في مرحلة الوضع ، بمعنى أن الظاهر عرفاً من الاستعمال هو استعمال اللفظ في المعنى الواحد .
ولذلك ترىٰ البناء العقلائي علىٰ حمل اللفظ علىٰ معنىٰ واحد لا متعدد في جميع شؤون المحاورة ، فعندما يحصل اقرار من شخص باشتغال ذمته بمال لزيد وكان زيداً مردداً بين اشخاص لا يحكم العقلاء بارادة الجميع ، ولو طلق رجل زوجته فلانة وكان اسمها مشتركاً بين زوجتين له أو أكثر لا يحكم العقلاء بطلاق الجميع ، وكذلك الفقهاء في مشتركات الرواة ، فلو اسند صاحب التهذيب رواية لأحمد بن محمد المردد بين ابن عيسى وابن خالد فانهم لا يسندون الرواية للجميع .
وهذه كلها شواهد على تبادر الوحدة في مقام الاستعمال وان المتكلم يقصد معنى معيناً ثبوتاً لكن لعدم القرينة عليه اثباتاً يحكمون بالاجمال .
ثالثاً : بناءاً على مسلك التعهد في الوضع فالنتيجة في دوران اللفظ بين ارادة معنى واحد أو معاني متعددة هو الحكم بالاجمال أيضاً عند العقلاء ، وذلك على كلا صيغتي التعهد ، أما على الصياغة التي اختارها الاستاذ السيد الخوئي ( قده ) وهي التعهد بارادة احد المعاني عند ذكر اللفظ فحمل اللفظ على ارادة الجميع مضافاً لكونه خلاف الاستظهار العرفي كما سبق فهو خلاف
__________________
(١) معالم الاصول : ٣٩ ، القوانين ١ : ٦٨ .