ولكننا نسجل ملاحظة على جميع هذه الأقوال بأن نقول : لا يخلو أصل المشتقات من أن يكون هو المادة أو المصدر أو اسم المصدر ، فأما المادة فهي وإن كانت موجودة بحروفها وترتيبها ومعناها في جميع المشتقات الا أنها ليست أصلاً للاشتقاق ، وذلك لأن كونها أصلاً للمشتقات معناه : أن الواضع وضعها أولاً مجردة عن أي هيئة كانت وضعاً نوعياً تتعاقب عليه الهيئات المختلفة .
والوضع النوعي المجرد المدعى في المواد والهيئات بعيد عن ذهنية الواضع البدائي الأول الذي يقوم بوضع الكلمات إما بدافع الحاجة للتفهيم والتفاهم وإما بداعي التغني كما يراه الفيلسوف جون لوك وإما بداعي الخوف والفزع من حادث كوني معين كما يراه بعض آخر ، فالمتصور في الواضع البدائي الساذج هو الوضع الشخصي للكلمة مادة وهيئة بأحد الدوافع المذكورة لا الوضع النوعي ، فإنه حالة متطورة من الابداع الفكري البعيد عن الواضع الأول .
وأما المصدر وهو الدال على الحدث المنتسب لفاعل ما فلا يصح جعله أصلاً للمشتقات ، باعتبار أن الأصالة إن أريد بها كونه أول لفظ موضوع فذلك يحتاج لدليل تاريخي .
وإن أريد بها سريان المعنى والصياغة البنائية في جميع المشتقات فالمصدر لا يطرد معناه في جميع المشتقات كاسم المصدر مثلاً ، فإن معناه يغاير المعنى المستفاد من المصدر فكيف يكون متفرعاً عنه ، كما أنه لا يمكن سريان الهيئة البنائية لجميع المشتقات لاستحالة كون المادة متشكلة بهيئتين متغايرتين .
وبنفس
هذا الايراد نورد على القائلين بأن أصل الاشتقاق هو الفعل وأما اسم المصدر وهو الدال على الحدث بما هو ، فإن أريد به الدلالة على أصل