الأولىٰ : ان البحث عن حمل المشتق وأنه مندرج في حل المواطاة أو مندرج في حمل الاشتقاق متأخر رتبة عن البحث في نفس مدلول المشتق ، إذ لا يصح الانتقال لعملية الحمل الا بعد معرفة طرفيه ، واذا كان البحث في مدلول المحمول وهو المشتق يغني عن البحث حول الحمل ونوعيته فلا مبرر للطفرة بالانتقال لما هو متأخر رتبة والبحث فيه ، مع أن البحث فيما هو متقدم رتبة مغني عنه .
بيان ذلك : ان النزاع في حمل المشتق على المنتفي عنه المبدأ إنما يصح بعد الفراغ عن معرفة مدلول المشتق نفسه .
ودعوى أن مدلوله واضح وهو الواجدية غير تامة ، لأن الواجدية غير واضحة سعة وضيقا فهل المراد بها الواجدية الواسعة أم الواجدية الفعلية ، إذن فمفهومه غير واضح سعة وضيقاً فهل المراد به خصوص المتلبس أم الأعم ، ومع عدم تحديد مفهومه لا يصح الانتقال لمرحلة الحمل المتأخرة رتبة عن تحديد المفهوم .
وبعد تحديد المفهوم سعة أو ضيقا يكون البحث حول الحمل لغواً ، وذلك لأنه لو اخترنا أن مدلول المشتق يعني خصوص المتلبس فلا محالة يكون حمله على المنقضي عنه المبدأ مجازاً ، إما بنحو المجاز في الكلمة كما يراه المشهور وإما بنحو المجاز في الاسناد كما هو مسلك السكاكي ، ولو اخترنا أن مدلوله الأعم فيصح حمله حقيقة على المنقضي عنه المبدأ بلا حاجة للبحث في نوعية الحمل وكونه مواطاة أو اشتقاقاً ، فالبحث اللغوي في مفهوم المشتق يغني عن البحث الفلسفي في كيفية الحمل .
الثانية : إننا نلاحظ أن اختلاف الحمل من كونه
حمل مواطاة أو اشتقاق متفرع على تحديد مفهوم المشتق أيضاً ، وذلك لأن مفهوم المشتق إذا كان عبارة عن عنوان انتزاعي والعنوان الانتزاعي لا وجود له بدون المبدأ المنتزع منه