الامامة عرف أن المراد بالظالم المنفي هو الظالم سابقاً فقط وبقية الوجوه خارجة موضوعاً كما ذكرنا ، فتتم دلالة الآية حينئذٍ على اعتبار العصمة في الامام ، سواءاً كان الاطلاق فيها حقيقياً بلحاظ حال التلبس أو مجازياً بلحاظ حال الجري والنسبة .
وإذا ثبت دلالة الآية على اعتبار العصمة وانتفاء الظلم سابقاً ولاحقاً وظاهراً وباطناً في الامامة دلت على كون الامامة بالنص لا بالشورى ، وذلك من وجهين :
أ ـ نسبة جعل الامامة لله جل وعلا في الآية المباركة ، حيث قال : ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) (١) ، ولو كانت بالشورى لا بالجعل الالهي لما نسبها الله لنفسه في الآية .
ولكن قد يقال بأن هذا الجعل جعل خاص صادر على نحو القضية الخارجية ، أي أنه خاص بشخصية إبراهيم عليه السلام أو بالْأَنبياء عموماً ، ولا دليل على كونه عاماً لكل إمامة على نحو القضية الحقيقية .
ب ـ إن الآية تدل باللزوم العقلي على اعتبار النص في الامامة ، باعتبار أن الآية لما دلت على اعتبار العصمة أي لزوم انتفاء الظلم ظاهره وباطنه وسابقه ولاحقه في الامام ، وذلك أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه من قبل البشر المنتخبين للإِمام دلت على كون الامامة بالنص ، لأنه لو كانت الامامة بالانتخاب والشورىٰ فهذا يعني اشتراط أمر خفي في الإِمامة مع إيكال تشخيص توفّره إلىٰ من لا يمكنه التشخيص ، وهو جمعٌ بين المتنافيين .
فالنتيجة : أن دلالة الآية على اعتبار العصمة في الامام مستلزم لاعتبار النص فيه أيضاً .
__________________
(١) البقرة : ٢ / ١٢٤ .