كلتا القضيتين مقصودتان بالحمل ، بل المقصود بالحمل هو القضية الثانية دون الْأُولى ، لعدم الفائدة في حمل القضية الْأُولىٰ كما هو واضح ، وإذا كان المقصود بالحمل هو القضية الثانية فالْأُولى مذكورة على سبيل الضمنية والاندماج في مدلول المحمول ، تمهيداً للقضية الثانية لا أنها هي مركز الحمل .
وهذا التمهيد لا يسمى انقلاباً كما هو ظاهر ، فإن كون القضية الممهدة ضرورية لا يستلزم انقلاب الحمل من الامكان للضرورة ، ما دام مركز الحمل هو القضية الامكانية .
نعم لو قلنا بأن مركز الحمل والمقصود الْأَساسي منه هو القضية الْأُولى فالانقلاب حينئذٍ صحيح ، بينما مدعى الشريف الجرجاني ـ الذي كان صاحب الكفاية بصدد تفسيره وتقريبه ـ هو الانقلاب الفاسد ، فإن الشريف قد قال : ( بأن المأخوذ في مدلول المشتق إن كان هو مصداق الشيء فلازم ذلك انقلاب الممكنة للضرورية ، وهو فاسد ) (١) فالكلام المفسَّر وهو كلام الجرجاني ناظر للانقلاب الفاسد ، فكيف يكون الكلام المفسِّر وهو كلام الكفاية ناظراً للانقلاب الصحيح ، فالخلاصة : أن مركز الحمل إن كان هو القضية الثانية ـ وهي له الكتابة ـ فلا يوجد انقلاب ، وإن كان هو القضية الاولى ـ وهي إنسان ـ فالانقلاب صحيح .
وثانياً : إن دعوى انحلال عقد الحمل ـ وهو قولنا إنسان له الكتابة ـ إلى قضيتين معناه أخذ المحمول ـ وهو لفظ كاتب ـ على نحو العموم الاستغراقي ، بلحاظ أجزائه التي ينحل إليها بناءاً على التركيب ، مع أن القول بالتركيب يقتضي النظر إلى المحمول على نحو العموم المجموعي ، وهو كون المحمول عبارة عن وحدة تركيبية اعتبارية تنتفي بانتفاء أحد أجزائها ، فلا توجد حينئذٍ
__________________
(١) الفصول : ٦١ .