والوضوح ، لا بالآلية والاستقلالية ، كما هو مسلك الكفاية (١) ، فمع المناقشة في أصل المبنى لا يتم ما بني عليه .
ب ـ إن التقييد ليس معنى حرفياً مرآتياً ، بل هو عمل إبداعي تقوم به النفس بهدف الربط بين ماهيتين ، وحينئذٍ فلا يعقل أن لا يكون له أي موضوعية في الحمل ، وأن يكون مجرد مرآة حاكية عن المقيد أو القيد ، فإن المرآتية لا تسمى تقييداً ، بل التقييد دخيل في الحمل أيضاً ، ولذلك قال الحكماء بأن التقيد جزء لا محالة ، وإنما خلافهم في جزئية القيد وعدم جزئيته .
ج ـ إن التقييد بناءاً على مرآتيته : إما أن يكون مرآتاً لذات المقيد بما هي ذات ، وإما أن يكون مرآةً لذات المقيد بما هي مقيدة ، فإن كان مرآةً لذات المقيد بما هي ذات فلازم ذلك اللغوية ، لأَن الذات بعد معرفتها بعنوانها التفصيلي المذكور في الموضوع ـ وهو الانسان ـ لا حاجة لمعرفتها مرة أخرى من خلال مرآتية التقييد أصلاً .
وإن كان مرآةً لذات المقيد بما هي مقيدة فلا يلزم من ذلك الانقلاب من الإِمكان الى الضرورة ، لأَن حمل الحصة على الكلي ليس حملاً ضرروياً ، فثبوت الانسانية المقيدة بالكتابة للإِنسان ليس ثبوتاً ضرورياً كما هو واضح .
هذه مناقشتنا للشق الْأَول من تقريب كلام الكفاية لدعوى الانقلاب .
وأما الشق الثاني من كلامه فيرد عليه وجهان :
أولاً : إن التحليل العقلي لعقد الحمل في قولنا : ( الانسان كاتب ) بناءاً على التركيب يقتضي الالتزام بأحد أمرين على سبيل منع الخلو : إما عدم الانقلاب وإما الانقلاب الصحيح ، وذلك لأَن إنحلال كلمة كاتب الى قضيتين ـ إحداهما : الإنسان انسان ، والْأُخرى الانسان له الكتابة ـ لا يعني أن
__________________
(١) الكفاية : ١٢ ـ ٤٢ .