فإن الموصوف إما أن يكون كلياً أو جزئياً ، فإن كان الموصوف كلياً وكان الوصف أخص منه مطلقاً أو من وجه فمرجع التوصيف حينئذٍ للتقييد ، وتضييق دائرة الموصوف بحيث يعد المؤلف من المقيد والقيد مفهوماً واحداً ، وماهية خاصة مغايرة لماهية المقيد وحده وماهية القيد وحده .
نعم لو كان الوصف مساوياً للموصوف الكلي فلا يتصور التقييد والتضييق حينئذٍ ، بل يكون هذا الوصف إخباراً توضيحياً لا قيداً احترازياً .
وإن كان الموصوف جزئياً فلا يتصور فيه التقييد والتضييق لعدم سعته وتعدد حصصه ، بل يرجع وصفه للاخبار بأنه واجد للوصف الكذائي .
فإن قلت : يصح تقييد الجزئي بلحاظ حاله لا بلحاظ ذاته ، فإن حاله مطلق ذو حصص متعددة فيصح تقييده بلحاظه .
قلت : هذا خارج عن محل الكلام ، فإن مورد كلامنا في تقييد الجزئي وعدم تقييده ، وأما حال الجزئي فهو كلي طبيعي يتصور فيه التقييد والتضييق ، إلّا أن تقييده لا يعد تقييداً للجزئي .
وما ذكرناه من الفرق بين عنوان التوصيف التقييدي والتوصيف الاخباري هو المطابق للارتكاز العرفي المعول عليه عند الفقهاء ، ولذلك ذكر الفقهاء بأن البائع لو قال : ( بعتك الحنطة العراقية ) ثم دفع للمشتري حنطة أُخرى فالبيع صحيح ، وعلى البائع دفع المصداق الحقيقي للمبيع ، فإن المبيع ـ بعد التوصيف التقييدي ـ له حصة خاصة لا تنطبق على ما دفع للمشتري ، فعلى البائع تسليم مصداقها الواقعي .
وأما
لو قال البائع : ( بعتك هذه الحنطة العراقية ) فمرجع الوصف حينئذٍ للاخبار والالتزام الضمني بأنها عراقية ، لا للتقييد لعدم كون الموصوف كلياً قابلاً للتقييد ، فالوصف في الحقيقة التزام آخر في ضمن الالتزام بأصل البيع ، ومع تخلف الوصف لا يكون البيع باطلاً لبقاء الالتزام الْأَول بأصل البيع ،