عنوان الإِنسان ـ وإن انحل بالتأمل الى توصيف تقييدي ـ لا يعد قضية بالاصطلاح المنطقي حتى يحتاج لجهة من الجهات ، فكذلك عنوان المشتق لا يعد قضية بالاصطلاح المنطقي وإن انحل بالتأمل العقلي لتوصيف تقييدي بناءاً على القول بالتركيب ، فلا يكون مقيداً بجهة من الجهات المنطقية .
فإذا قلنا زيد كاتب بالامكان لا يكون قيد ( بالامكان ) راجعاً لمدلول المشتق ، باعتبار اشتماله على توصيف تقييدي ، ما دام لا يعد قضية بالاصطلاح المنطقي ، فلا تتحول الجهة الامكانية الى كونها جزءاً من المحمول بحيث يحتاج مجموع الموصوف والوصف والجهة إلى جهة أُخرى وهي جهة الضرورة ، وتنقلب القضية الممكنة الى القضية الضرورية . إذن محذور الانقلاب لا يرد على القول بالتركيب إذا قلنا بالتركيب التقييدي ، وهو التركيب من مفهوم الشيء والحدث لما ذكرناه .
فإن قلت : بأن الشيخ والفارابي قد اختلفا في الجهة الراجعة لعقد الوضع وأنها جهة الإِمكان أم جهة الفعلية ، مع أن عقد الوضع عنوان مفرد لا قضية ، فمثلاً إذا قلنا : ( كل إنسان كاتب بالإِمكان ) (١) فهنا مع أن عنوان الإِنسان عنوان مفرد الَّا أن المناطقة أرجعوه لقضية تامة ، وهي : كل ما صدق عليه إنسان بالامكان أو بالفعل ـ على الخلاف المذكور ـ فهو كاتب بالامكان ، فلولا حاجة كل نسبة للجهة ـ سواءاً كانت تامة أم ناقصة ـ لم يختلف الحكماء في تعيين جهة عقد الوضع .
قلت : إن المناطقة لا يقولون بأن كل توصيف ـ ولو كان تقييدياً ـ يحتاج لجهة من الجهات ، والَّا لقالوا بذلك في عقد الحمل ، مع أنهم لا يرون عقد الحمل قضية موجهة بجهة معينة ، وإنما قالوا بذلك في عقد الوضع لانهم
__________________
(١) الكفاية : ٥٣ .