آخر كاعطاء حد الأسد للرجل الشجاع ، بينما الاعتبار القانوني ظاهرة اجتماعية ، وهذا معنى كونه متأصلاً أي أن الجعل الشخصي لا أثر له ما لم يكن هناك امضاء وموافقة من المجتمع أو الجهاز العام ، بخلاف الاعتبار الأدبي فهو إبداع فردي غير متأصل . لأنه لا يتوقف علىٰ اقرار المجتمع وإمضائه .
كما أن الاعتبار القانوني تتطابق فيه الارادة الاستعمالية مع الارادة الجدية بخلاف الاعتبار الأدبي فهو متقوم بعدم تطابق الارادتين ، كما أن الغاية من الاعتبار القانوني قيادة ارادة الفرد والمجتمع نحو الخير بينما غاية الاعتبار الادبي التأثير في مشاعر الآخرين ، إذن فهما مختلفان في الحقيقة والهدف ، ومختلفان أيضاً في الآثار فإن استصحاب الاعتبار القانوني صحيح بينما استصحاب الاعتبار الأدبي غير صحيح ، إذ الاستصحاب من قواعد السلوك ولا ربط بين الاعتبار الأدبي ومقام السلوك ، ومع وضوح الفرق بينهما موضوعاً وحكماً فقد وقع الخلط بينهما في علم الأصول وعلم الفقه من بعض الأعلام ونضرب أمثلة على ذلك :
المثال الأول : قاعدة الطهارة المعبر عنها في النصوص بقوله عليه السلام : « كل شيء لك نظيف حتى تعلم أنه قذر فإذا علمت فقد قذر » (١) والسؤال المطروح هنا هل أن مفاد هذا الحديث هو الاعتبار القانوني أم الاعتبار الأدبي ، فإذا قلنا بأن مفاده الاعتبار القانوني فالمقصود حينئذٍ جعل حكم ظاهري خاص بحالة عدم العلم بالقذارة ، وهو المسمى بالطهارة الظاهرية التي لا تمتد لما بعد العلم بالخلاف ، فإنه إذا انكشف الخلاف فالاجزاء حينئذٍ خلاف القاعدة يحتاج لدليل خاص ، إذ النجس لا يجزي عن الطاهر .
وإذا (٢) قلنا بأن مفاده الاعتبار الأدبي فالمقصود حينئذٍ تنزيل المشكوك منزلة
__________________
(١) الوسائل ٣ : ٤٦٧ / ٤١٩٥ .
(٢) تعرضنا لهذا البحث في صفحة : ١٤٢ .