للأرض لا للبيوت . ومن الأمثلة الفقهية للواسطة الجلية متعلقات الأحكام ، فمثلاً إذا قال المولى : يجب الصلاة ، فإن العرف الساذج قد يتصور أن الصلاة الخارجية هي المعروض للوجوب حقيقة بل ربما طرح ذلك في كلمات العلماء الأعلام ، ففي الكفاية في بحث اجتماع الأمر والنهي ـ بعد دعوى التضاد الحقيقي بين الأحكام الخمسة ـ ذكر بأن المعروض الواقعي للحكم هو العمل الخارجي للمكلف (١) ، مع أن هذا المفهوم لا يقره العرف المتأمل وذلك لعدة أمور :
أولاً : لأن الوجوب أمر اعتباري ولا يمكن أن يتشخص في وعاء الاعتبار الا بحد معين وهذا الحد هو طبيعي الصلاة الموجود بالوجود الاعتباري ، إذ من المستحيل تشخص ما هو اعتباري بما هو خارجي كما يستحيل العكس أيضاً ، فمن المستحيل كون الصلاة الخارجية حداً للوجوب الاعتباري .
ثانياً : على فرض عدم حصول الصلاة خارجاً لعصيان أو غيره فيلزم من ذلك تقوم الموجود وهو الوجوب الاعتباري بالمعدوم وهو الصلاة الخارجية ، وذلك مستحيل .
وثالثاً : إن العمل الخارجي مسقط للتكليف فكيف يكون معروضاً له ، لذلك فالمتصف حقيقة بالوجوب هو الماهية الموجودة في وعاء الاعتبار واتصاف الفرد الخارجي به من باب الواسطة في العروض ، وهي واسطة التطابق لا الانطباق ، لأن الانطباق إنما يكون بين الكلي وفرده والعمل الخارجي ليس فرداً للماهية الموجودة في وعاء الاعتبار بل هو مطابق ومشابه لها ، وهذه الواسطة جلية لمن تأمل في المطلب .
الواسطة الخفية : وهي ما كان الاسناد فيها بحسب النظر العرفي إسناداً حقيقياً وإن كان بحسب النظر العقلي إسناداً مجازياً ، ومثاله الحد الأوسط في
__________________
(١) الكفاية : ١٥٨ .