وروى الطبريّ (١) بأربعة أسانيد عن عائشة : من زعم أنَّ محمداً صلىاللهعليهوسلم كتم شيئاً من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ).
وما كانت عائشة بقولها في صدد بيان سبب النزول ، وإنَّما احتجّت بالآية الكريمة علىٰ أنَّه صلىاللهعليهوسلم قد أغرق نزعاً بالتبليغ ، ولم يدَعْ آية من الكتاب إلّا وبثّها ، وهذا ما لا يُشَكّ فيه ، ونحن نقول به قبل هذه الآية وبعدها.
وأمّا ما حشده الرازي في تفسيره (٢) ( ٣ / ٦٣٥ ) من الوجوه العشرة(٣) ـ وجعل نصَّ الغدير عاشرها ، وقصّة الأعرابيّ المذكور في تفسير الطبريّ ثامنها ، وهيبة قريش مع زيادة اليهود والنصارىٰ تاسعها ، وقد عرفت حقّ القول فيهما ـ فهي مراسيل مقطوعة عن الإسناد غير معلومة القائل ، ولذا عُزي جميعها في تفسير نظام الدين
___________________________________
(١) جامع البيان : مج ٤ / ج ٦ / ٣٠٨.
(٢) التفسير الكبير : ١٢ / ٤٩.
(٣) ١ ـ نزلت في قصّة الرجم والقِصاص علىٰ ما تقدّم في قصّة اليهود.
٢ ـ نزلت في عيب اليهود واستهزائهم بالدين.
٣ ـ لمّا نزلت آية التخيير ، وهي قوله : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ ... ) الآية ، فلم يَعْرِضْها عليهنّ خوفاً من اختيارهنّ الدنيا.
٤ ـ نزلت في أمر زيد وزينب.
٥ ـ نزلت في الجهاد ، فإنّه كان يمسك أحياناً عن حثّ المنافقين على الجهاد.
٦ ـ لمّا سكت النبيّ عن عيب آلهة الوثنيّين فنزلت.
٧ ـ لمّا قال في حجّة الوداع ـ بعد بيان الشرائع والمناسك ـ : « هل بلّغتُ ؟ ».
قالوا : نعم.
قال : « اللّهمّ فاشهد ». فنزلت الآية.
٨ ـ نزلت في أعرابيّ أراد قتله وهو نائم تحت شجرة.
٩ ـ كان يهاب قريشاً واليهود والنصارىٰ ، فأزال الله عن قلبه تلك الهيبة بالآية.
١٠ ـ نزلت في قصّة الغدير.
هذه ملخّص الوجوه التي ذكرها. ( المؤلف )