وصيغها ، فالاختلاف الحاصل بين ( المولىٰ ) و ( الأَولىٰ ) ـ بلزوم مصاحبة الثاني للباء وتجرّد الأوّل منه ـ إنَّما حصل من ناحية صيغة ( افعل ) من هذه المادّة ، كما أنَّ مصاحبة ( من ) هي مقتضىٰ تلك الصيغة مطلقاً. إذن فمفاد ( فلانٌ أَولىٰ بفلان ) و ( فلانٌ مولىٰ فلان ) واحدٌ ، حيث يراد به الأولىٰ به من غيره ، كما أنَّ ( افعل ) بنفسه يستعمل مضافاً إلى المثنّىٰ والجمع أو ضميرهما بغير أداة فيقال : زيد أفضل الرجلين أو أفضلهما ، وأفضل القوم أو أفضلهم ، ولا يستعمل كذلك إذا كان ما بعده مفرداً ، فلا يقال : زيد أفضل عمرو ، وإنَّما هو أفضل منه ، ولا يرتاب عاقل في اتّحاد المعنىٰ في الجميع ، وهكذا الحال في بقيّة صيغ ( افعل ) كأعلم وأشجع وأحسن وأسمح وأجمل إلىٰ نظائرها.
قال خالد بن عبد الله الأزهري في باب التفضيل من كتابه التصريح : إنَّ صحّة وقوع المرادف موقع مرادفه إنَّما يكون إذا لم يمنع من ذلك مانعٌ ، وهاهنا منع مانع ، وهو الاستعمال ، فإنَّ اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجرّ إلّا ( من ) خاصّة ، وقد تُحذَف مع مجرورها للعلم بها نحو ( وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ) (١).
علىٰ أنَّ ما تشبّث به الرازي يطّرد في غير واحد من معاني المولى التي ذكرها هو وغيره ، منها ما اختاره معنىً للحديث وهو ( الناصر ) ، فلم يستعمل هو مولىٰ دين الله مكان ناصره ، ولا قال عيسىٰ ـ علىٰ نبيِّنا وآله وعليه السلام ـ : من مواليَّ إلى الله ؟ مكان قوله : ( مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّـهِ ) (٢) ، ولا قال الحواريّون : نحن موالي الله ؟ بدل قولهم : ( نَحْنُ أَنصَارُ اللَّـهِ ).
ومنها الوليُّ فيقال للمؤمن : هو وليُّ الله ، ولم يرد من اللغة مولاه ، ويقال : الله وليُّ المؤمنين ومولاهم ، كما نصَّ به الراغب في مفرداته (٣) ( ص ٥٥٥ ).
___________________________________
(١) الأعلىٰ : ١٧.
(٢) الصف : ١٤.
(٣) المفردات في غريب القرآن : ص ٥٣٣.