هذا النوع قول عمر رضى الله عنه : نعمت البدعة هذه. لمّا كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها ؛ لأن النبى صلىاللهعليهوسلم لم يسنّها لهم ، وإنما صلّاها ليالى ثم تركها ولم يحافظ عليها ، ولا جمع الناس لها ، ولا كانت في زمن أبى بكر ، وإنما عمر رضى الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها ، فبهذا سمّاها بدعة ، وهى على الحقيقة سنّة ، لقوله صلىاللهعليهوسلم «عليكم بسنّتى وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدى!!» وقوله «اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر!!» وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر «كل محدثة بِدْعَةٌ» إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السّنّة. وأكثر ما يستعمل المُبْتَدَع عرفا في الذّم.
وفي حديث الهدي «فأزحفت عليه بالطريق فعىّ بشأنها إن هى أَبْدَعَتْ» يقال أَبْدَعَتِ الناقة إذا انقطعت عن السّير بكلال أو ظلع ، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السّير إِبْدَاعاً ، أى إنشاء أمر خارج عما اعتيد منها.
ومنه الحديث «كيف أصنع بما أُبْدِعَ علىّ منها» وبعضهم يرويه أبدعت. وأبدع على ما لم يسم فاعله. وقال : هكذا يستعمل. والأول أوجه وأقيس.
(ه) ومنه الحديث «أتاه رجل فقال إنّى أُبْدِعَ بى فاحملنى» أى انقطع بى لكلال راحلتى.
(بدل) [ه] في حديث عليّ رضى الله عنه «الأَبْدَال بالشام» هم الأولياء والعبّاد ، الواحد بِدْل كحمل وأحمال ، وبَدَل كجمل ، سمّوا بذلك لأنهم كلما مات واحد منهم أبدل بآخر.
(بدن) (ه) فيه «لا تبادرونى بالركوع والسّجود ، إنّى قد بَدُنْتُ» قال أبو عبيد هكذا روى في الحديث بدنت ، يعنى بالتخفيف ، وإنما هو بَدَّنْتُ بالتشديد : أى كبرت وأسننت ، والتخفيف من البَدَانَة وهى كثرة اللحم ، ولم يكن صلىاللهعليهوسلم سمينا. قلت : قد جاء في صفته صلىاللهعليهوسلم في حديث ابن أبى هالة : بَادِن متماسك ، والبَادِن الضّخم. فلما قال بادن أردفه بمتماسك ، وهو الذى يمسك بعض أعضائه بعضا ، فهو معتدل الخلق.
ومنه الحديث «أتحبّ أن رجلا بَادِناً في يوم حارّ غسل ما تحت إزاره ثم أعطاكه فشربته».