يحذّرهم ما حذّرهم الله ويزهّدهم فيها ، فرغب أصحابه بعده فيها وتنافسوا عليها حتى كان الزهد في النادر القليل منهم ، فقال : تجدون الناس بعدى كَإِبِلٍ مائة ليس فيها راحلة ، أى أن الكامل في الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة قليل كقلّة الراحلة في الإبل. والراحلة هى البعير القوىّ على الأسفار والأحمال ، النّجيب التام الخلق الحسن المنظر. ويقع على الذكر والأنثى. والهاء فيه للمبالغة.
ومنه حديث ضوالّ الإبل «أنها كانت في زمن عمر إِبِلاً مُؤَبَّلَةً لا يمسها أحد» إذا كانت الإبل مهملة قيل إِبِلٌ أُبِّلَ ، فإذا كانت للقنية قيل إِبِلٌ مُؤَبَّلَة ، أراد أنها كانت لكثرتها مجتمعة حيث لا يتعرّض إليها.
(ه) وفي حديث وهب «تَأَبَّلَ آدم عليهالسلام على حوّاء بعد مقتل ابنه كذا وكذا عاما» أى توحّش عنها وترك غشيانها.
(س) ومنه الحديث «كان عيسى عليهالسلام يسمّى أَبِيلَ الأَبِيلِينَ» الأَبِيل ـ بوزن الأمير ـ : الراهب ، سمى به لتأبّله عن النّساء وترك غشيانهنّ ، والفعل منه أَبَلَ يَأْبُلُ إِبَالَةً إذا تنسّك وترهّب. قال الشاعر :
وما سبّح الرّهبان في كلّ بلدة |
|
أَبِيلَ الأَبِيلِينَ المسيح بن مريما (١) |
ويروى :
أبيل الأَبِيلِيِّينَ عيسى بن مريما
على النسب
(س) وفي حديث الاستسقاء «فألّف الله بين السحاب فَأُبِلْنَا» أى مطرنا وَابِلاً ، وهو المطر الكثير القطر ، والهمزة فيه بدل من الواو ، مثل أكّد ووكّد. وقد جاء في بعض الروايات «فألف الله بين السحاب فَوَبَلَتْنَا» جاء به على الأصل.
وفيه ذكر «الأُبُلَّة» وهي بضم الهمزة والباء وتشديد اللام : البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحرى. وقيل هو اسم نبطىّ وفيه ذكر «أُبْلَى» ـ هو بوزن حبلى ـ موضع بأرض بنى سليم بين مكة والمدينة ، بعث إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قوما.
__________________
(١) نسبه في اللسان إلى ابن عبد الجن. وروايته فيه هكذا :
* وما قدّس الرهبان في كلّ هيكل * .. البيت
وهو في تاج العروس لعمرو بن عبد الحق.