(بيض) (ه س) فيه «لا تسلّط عليهم عدوّا من غيرهم فيستبيح بَيْضَتَهُمْ» أى مجتمعهم وموضع سلطانهم ، ومستقرّ دعوتهم. وبَيْضَة الدّار : وسطها ومعظمها ، أراد عدوّا يستأصلهم ويهلكهم جميعهم. قيل أراد إذا أهلك أصل البيضة كان هلاك كلّ ما فيها من طعم أو فرخ ، وإذا لم يهلك أصل البيضة ربّما سلم بعض فراخها. وقيل أراد بالبَيْضَة الخوذة ، فكأنّه شبّه مكان اجتماعهم والتئامهم ببيضة الحديد.
ومنه حديث الحديبية. «ثم جئت بهم لبَيْضَتِك تفضّها» أى أهلك وعشيرتك.
وفيه «لعن الله السارق يسرق البَيْضَة فتقطع يده» يعنى الخوذة. قال ابن قتيبة : الوجه في الحديث أنّ الله تعالى لما أنزل «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما» قال النبى صلىاللهعليهوسلم لعن الله السارق يسرق البَيْضَة فتقطع يده ، على ظاهر ما نزل عليه ، يعنى بيضة الدّجاجة ونحوها ، ثم أعلمه الله تعالى بعد أن القطع لا يكون إلا في ربع دينار فما فوقه. وأنكر تأويلها بالخوذة ؛ لأنّ هذا ليس موضع تكثير لما يأخذه السارق ، إنما هو موضع تقليل ، فإنه لا يقال. قبّح الله فلانا عرّض نفسه للضّرب في عقد جوهر ، إنما يقال لعنه الله تعرّض لقطع يده في خلق رثّ ، أو كبّة شعر.
(س) وفيه «أعطيت الكنزين الأحمر والأَبْيَض» فالأحمر ملك الشام ، والأَبْيَض ملك فارس. وإنما قال لفارس الأبيض لبياض ألوانهم ولأنّ الغالب على أموالهم الفضّة ، كما أنّ الغالب على ألوان أهل الشام الحمرة وعلى أموالهم الذّهب.
(ه) ومنه حديث ظبيان ، وذكر حمير فقال «وكانت لهم البَيْضَاء والسّوداء ، وفارس الحمراء والجزية الصّفراء» أراد بالبَيْضَاء الخراب من الأرض ؛ لأنه يكون أبيض لا غرس فيه ولا زرع ، وأراد بالسّوداء العامر منها لا خضرارها بالشجر والزرع ، وأراد بفارس الحمراء تحكّمهم عليه (١) وبالجزية الصّفراء الذّهب ؛ لأنهم كانوا يجبون الخراج ذهبا.
ومنه «لا تقوم الساعة حتى يظهر الموت الأَبْيَض والأحمر» الأَبْيَض ما يأتى فجأة ولم يكن
__________________
(١) كذا في الأصل واللسان. وفي ا والهروى : وأراد بفارس الحمراء : العجم. وفي ا : لحكمهم عليه.