ألفاظ ظاهرها الذمّ ، وإنما يريدون بها المدح كقولهم : لا أب لك ولا أمّ لك ، وهوت أمّه (١) ، ولا أرض لك ونحو ذلك.
(س) ومنه حديث أنس «لم يكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبّابا ولا فحّاشا ، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة : تَرِبَ جبينه» قيل أراد به دعاء له بكثرة السّجود.
(س) فأمّا قوله لبعض أصحابه «تَرِبَ نحرُكَ» فقتل الرجل شهيدا ، فإنه محمول على ظاهره.
وفي حديث فاطمة بنت قيس «وأما معاوية فرجل تَرِبٌ لا مال له» أى فقير.
(س) وفي حديث عليّ «لئن وليت بنى أميّة لأنفضنّهم نفض القصّاب التِّرَاب الوذمة» التِّرَاب جمع تَرْب تخفيف تَرِب ، يريد اللحوم التى تعفّرت بسقوطها في التّراب ، والوذمة المنقطعة الأوذام ، وهى السّيور التى يشدّ بها عرى الدلو. قال الأصمعى : سألنى شعبة (٢) عن هذا الحرف ، فقلت : ليس هو هكذا ، إنما هو نفض القصّاب الوذام التّربة ، وهى التى قد سقطت في التّراب ، وقيل الكروش كلها تسمى تَرِبَة ؛ لأنها يحصل فيها التّراب من المرتع ، والوذمة التى أخمل باطنها ، والكروش وذمة لأنها مخملة ويقال لخملها الوذم. ومعنى الحديث : لئن وليتهم لأطهّرنّهم من الدّنس ، ولأطيّبنّهم بعد الخبث. وقيل أراد بالقصّاب السّبع ، والتِّرَابُ أصل ذراع الشاة ، والسّبع إذا أخذ الشاة قبض على ذلك المكان ثم نفضها.
(ه) وفيه «خلق الله التُّرْبَة يوم السبت» يعنى الأرض. والتُّرْب والتُّرَاب والتُّرْبَة واحد ، إلّا أنهم يطلقون التُّربة على التأنيث.
وفيه «أَتْرِبُوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة» يقال أَتْرَبْتُ الشيءَ إذا جعلت عليه التراب.
__________________
(١) أنشد الهروى :
سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً |
|
وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ |
فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى |
|
برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ) |
قال : «فظاهره أهلكه الله. وباطنه لله دره. وهذا المعنى أراده الشاعر في قوله :
سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً |
|
وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ |
فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى |
|
برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ) |
أراد : لله درها ، ما أحسن عينيها. وأرد بالغرّ من أنيابها : سادات أهل بيتها.
(٢) الذى في ا واللسان : سألت شعبة ... فقال :