الفاحشة ، فكأن الإيمان في تلك الحالة قد انعدم. وقال ابن عباس رضى الله عنهما «الإِيمَانُ نَزِهٌ فإذا أذنب العبد فارقه».
(س) ومنه الحديث الآخر «إذا زنى الرجل خرج منه الإِيمَانُ فكان فوق رأسه كالظّلّة ، فإذا أقلع رجع إليه الإيمان» وكل هذا محمول على المجاز ونفي الكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان وإبطاله.
وفي حديث الجارية «أعتقها فإنها مُؤْمِنَةٌ» إنما حكم بإيمانها بمجرّد سؤاله إيّاها أين الله وإشارتها إلى السماء ، وقوله لها من أنا فأشارت إليه وإلى السماء ، تعنى أنت رسول الله. وهذا القدر لا يكفي في ثبوت الإسلام والإيمان دون الإقرار بالشهادتين والتّبرّؤ من سائر الأديان. وإنما حكم بذلك لأنه صلىاللهعليهوسلم رأى منها أمارة الإسلام ، وكونها بين المسلمين وتحت رقّ المسلم. وهذا القدر يكفي علما لذلك ، فإن الكافر إذا عرض عليه الإسلام لم يقتصر منه على قوله إنى مسلم حتى يصف الإسلام بكماله وشرائطه ، فإذا جاءنا من نجهل حاله في الكفر والإيمان ، فقال إنى مسلم قبلناه ، فإذا كان عليه أمارة الإسلام من هيأة وشارة : أى حسن ودار كان قبول قوله أولى ، بل نحكم عليه بالإسلام وإن لم يقل شيئا.
وفيه «ما من نبىّ إلا أعطى من الآيات ما مثله آمَنَ عليه البشر ، وإنما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله إلىّ» أى آمنوا عند معاينة ما آتاهم الله من الآيات والمعجزات. وأراد بالوحى إعجاز القرآن الذى خصّ به ، فإنه ليس شىء من كتب الله تعالى المنزّلة كان معجزا إلا القرآن.
(ه) وفي حديث عقبة بن عامر «أسلم الناس وآمَنَ عمرو بن العاص» كأنّ هذا إشارة إلى جماعة آمنوا معه خوفا من السيف ، وأن عمرا كان مخلصا في إيمانه. وهذا من العامّ الذى يراد به الخاصّ.
وفي الحديث «النّجوم أَمَنَةُ السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السّماء ما توعد ، وأنا أَمَنَةٌ لأصحابى ، فإذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون ، وأصحابى أَمَنَةٌ لأمّتى ، فإذا ذهب أصحابى أتى أمّتى ما توعد» أراد بوعد السماء انشقاقها وذهابها يوم القيامة. وذهاب النّجوم تكويرها وانكدارها وإعدامها. وأراد بوعد أصحابه ما وقع بينهم من الفتن. وكذلك أراد بوعد الأمة. والإشارة في الجملة