عرَفه المتكَلِّم أو المخاطَبُ فيه قبل أن يَصِيرَ أمْسِ فاذا ذَكَروا أمْسِ فانما يَذْكُرونَهُ على ما قد عَرَفُوه في حالِ وُجودِه بما يستَحِقُّه من التصغير فلا وَجْه لتصغيره* قال سيبويه* والثَّلَاثاءُ والأَرْبِعاءُ والْبارِحةُ وأشباهُهُنَّ لا يحقَّرْنَ وكذلك أسماءُ الشُّهور نحوُ المُحرَّم وصَفَر الى آخِر الشُّهُور وذلك أنها أسماءٌ أعلامٌ تتكَرَّر على هذه الأيَّامِ فلم تتمكَّنْ وهى معارِفُ كتمَكُّن زيدٍ وعَمْرو وسائرِ الاسماءِ الأعلامِ لأن الاسمَ العَلَم انما وُضِع للشىءِ على أنه لا شَرِيكَ له فيه وهذه الأسماءُ وُضِعتْ على الأُسْبُوع وعلى الشُّهور ليُعلَم أنه اليومُ الأولُ من الأُسبُوع أو الثانِى أو الشَّهْرُ الأوّلُ من السنةِ أو الثانِى وليس منهما شىءٌ يختَصُّ فيعبَّر به فيلزمُه التصغيرُ وكان الكوفِيُّون يَروْن تصغيرَها وأبُو عثمانَ المازِنىُّ وقد حُكِى عن الجَرْمىِّ أنه كان يَرَى تصغيرَ ذلك وكان أبو الحسن بنُ حَسَّانَ يختارُ مَذْهَبَ سيبويه في ذلك للعِلَّة التى ذكَرْنا وكان بعضُ النحوِيِّينَ يفرِّق بينَ أن يقولَ اليَوْمَ الجمعةُ واليَوْمَ السبتُ فينصِبُ اليومَ وبين أن يقول اليومُ الجمعةُ واليوْمُ السَّبتُ فيرفع اليومَ فلا يُجِيز تصغِيرَ الجُمعة في النَّصْب ولا تصغِيرَ السبْت قال لأن السبْتَ والجُمُعة انما هما اسمانِ لمَصْدَرى الاجتِماعِ والراحةِ وليس الغرَضُ تصغِيرَ هذين المصدرَيْنِ ولا أحدَ يقْصِد إليهما في التصغير ويُجِيزُ اذا رُفِع اليومانِ لأن الجمعةَ والسبْتَ يَصِيران اسميْنِ ليومَيْنِ ولا يُجِيز في النصْب تصغيرَ اليومِ لأن الاعتماد في الخبر على وَقَع ويقَعُ وهما لا يصَغَّران ولا يُقْصَد اليهما بالتصغيرِ وقد حُكِى عن بعضهم أنه أجازَ التصغيرَ في النصب وأبْطَلَ في الرفع وكان المازنِىُّ يجِيزُه في ذلك كلِّه
واعلم أنك لا تُحقِّر الاسمَ اذا كان بمنزلة الفِعْل ألا تَرَى أنه قَبِيح هو ضُوَيْرِبٌ زيدًا وضُوَيْربٌ زيدٍ اذا أردت بضارِب زيْدٍ التنوينَ وإن كان ضارِبُ زيدٍ لِمَا مضَى فتصغيرُه جَيِّد لأن ضارِبَ اذا نَونَّاه ونصْبنا ما بعده فمذْهَبه مَذْهبُ الفِعْل وليْس التصغيرُ مما يَلْحق الفِعْل الا في التعَجُّب واذا كان فيما مضى فليس يجُوز تنوينُه ونصبُ ما بعدَه ومُجْراه مُجْرَى غُلَام زيْدٍ فلما جاز تصغيرُ غُلام زيْدٍ جاز تصغير ضارِبُ زيدٍ فيما مضَى فاعرِفْه ان شاءَ الله تعالى