الأصْل في الافعال الثُّلاثِيَّة كلِّها أن تكون مصادِرُها على فَعْل لأنه أخَفُّ الأبْنِيَة ولأنا نقُول فيها كلّها اذا أردْنا المرَّةَ الواحدَة قلنا فَعْلة كقولنا جَلَس جَلْسةً وقامَ قَوْمَةً وفَعْل هو جمْعُ فَعْلة كما يقال تَمْرة وتَمْر فيكون الضَّرْب من الضَّرْبة كالتَّمْر من التَّمْرة وما خرَج من هذا فهُو الذى يذكُره فقد ذكر فَعَل وفَعِل ثم قال في عَمِل عَمَلا إنهم شَبَّهوه بالفزَع الذى هو مصدَرُ فَزِعَ وفَزِع لا يتعَدَّى والباب في فَعِل الذى لا يتعدَّى اذا كان فاعلُه يأتِى على فَعِلٍ أن يكون مصْدَره على فَعَل كقولنا فَرِقَ فَرَقا فهو فَرِقٌ وحَذِرَ يَحْذَر حَذَرا فهو حَذِر* قال أبو على* فشُبِّه العَمَل وهو مصدَر فِعْل يتعدَّى بالفَزَع وهو مصدَر فِعْل لا يتعدى لاستِواء لفظِ فَزِع وعَمِلَ وان اختلَفا فى التَعدِّى مثل الطَّلَب والسَّرَق على العَمَل* وقد جاء المصدَرُ على فُعْل وذلك نحو الشُّرْب والشُّغْل وعلى فِعْل كقولنا قال قِيلاً وقالوا سَخِطَ سَخَطا شَبَّهه بالغَضَبِ حِينَ اتفَقَ البِناءُ يعنى أن سَخَطا مصدرُ فِعْل يتعدَّى وقد شبَّهه بالغَضَب مصدَرِ فِعلْ لا يتعدَّى لاتفاقِهما في وزن الفِعْل وفي المعنَى* قال* ويدُلُّك ساخِطٌ وسَخِطْته أنه مُدْخَل في بابِ الأعمال التى تُرَى وتُصْنَع وفي بعض النسخ تُرَى وتُسْمَع وهى مُوقَعَة بغيرِها* قال أبو على* يعنى بالأعمال التى تُرَى الأعمالَ المتعدِّيَةَ لأن فيها عِلَاجًا من الذى يُوقِعه للذى يُوقَعُ به فيُشاهَدُ ويُرَى فجعل سَخِطته مُدْخَلا فى التعدِّى كأنه بمنْزِلة ما يُرَى وقولهم ساخِطٌ دليلٌ على ذلك لأنهم لا يقولُون غاضِبٌ ومعنَى الغضَبِ والسَّخَط واحدٌ فجعلوا الغَضَب بمنزلةِ فِعْل تتغيَّر به ذاتُ الشىءِ والسَّخَط بمنزِلة فِعْل عُولج إيقاعُه بغير فاعِله* قال سيبويه* وقالوا وَدِدْته وُدًّا مثل شَرِبْته شُرْبا وقالوا ذَكَره ذِكْرا كحَفِظه حِفْظا* قال* وقد جاء شئٌ من هذا المتعدِّى على فَعِيل قالوا ضَرِيبُ قِدَاحٍ للذى يَضْرِب بالقِدَاح وصَرِيمٌ للصارِم وقال طَرِيف ابن تَمِيم العنبَرىِ
أوَ كُلَّما ورَدَتْ عُكَاظَ قَبِيلةٌ |
|
بَعَثُوا إلَىَّ عَرِيفَهُمْ يتَوَسَّمُ |
يريد عارِفَهم والبابُ في ذلك أن يكونَ بِناؤُه على فاعِلٍ كضارِبٍ وقاتِلٍ وما أشبَه ذلك ويجوز أن يكونَ ضَرِيبُ قِدَاح فَرْقا بيْنَه وبيْنَ من يَضْرِب في معنًى آخَرَ وبيْنَ الصَّرِيم في القَطِيعة وبيْنَ من يَصْرِم في معنًى سِوَاه وبيْنَ عَرِيفٍ الذى يَعْرِف