على ما ذكرنا في الذى يتَعدَّى ويكونُ الاسمُ فاعِلاً والمصْدَر يكونُ فُعُولا وذلك نحوُ قَعَدَ قُعُودا وهو قاعِدٌ وجَلَس يَجْلِس جُلُوسا وهو جالِسٌ وسكَت سُكُوتا وهو ساكِتٌ وثَبَت ثُبُوتا وهو ثابِتٌ وذَهَب ذُهُوبا وهو ذاهِبٌ وقالوا الذَّهَاب والثَّبَات فبنَوْه على فقال كما بنَوْه على فُعُول والفُعُول فيه أكثَرُ وقالوا رَكِنَ يَرْكَنُ رُكُونا وهو راكِنٌ وقد قالُوا في بعض مصادِر هذا فجَاؤا به على فَعْل كما جاؤُا ببعض مصَادِر الأوّل على فُعُول وذلك قولك سَكَت يَسْكُت سَكْتا وهَدأ اللَّيْل يَهْدَأُ هدءًا وعَجَزَ عَجْزا وحَرِدَ يَحْرَد حَرْدا وهو حارِدٌ وقولهم فاعِلٌ يدُلُّك على أنهم انما جعَلُوه من هذا الباب وتخفيفُهم الحَردَ أنهم حملوا مصادِرَ ما لا يتعَدَّى على ما يتعَدَّى في قولهم عَجْزا وسَكْتا والبابُ فيه الفُعُول كما حملوا ما يتعَدَّى حيث قالوا لَزِم لُزُوما وجَحَده جُحُودا والباب فيه لَزْمًا وجَحْدا على ما لا يتعَدَّى وقَوَّى حَمْلَهم ذلك على ما يتعدَّى أنهم قالُوا حارِدٌ وكان القِياسُ في مِثْله أن يكونَ حَرِدَ حَرَدا فهو حَرْدانُ كما قالوا غَضِبَ غَضَبا فهو غَضْبانُ فأخرجوه عن باب غَضْبانَ بتخفِيف الحَرَد وبقولهم حارِدٌ ومعنى قولنا فانه يكونُ فِعْله على ما ذكَرْنا في الذى يتَعَدَّى يريدُ من بابِ فَعَل يَفْعُل كقولنا قَعَد يَقْعُد وفَعَل يَفْعِل كقولنا جَلَس يَجْلِس وفَعِل يَفْعَل كقولنا حَرِد يَحْرَد فهذه الأفعال لها نظائِرُ فيما يتعَدَّى* ويَجِىء فيما لا يتعَدَّى بِناءٌ يَنْفَرد به كقولنا ظَرُف يَظْرُف وكَرُم يَكْرُم وستقِف على ذلك ان شاء الله وقالوا لَبِثَ لَبَثًا فجعلوه بمنْزِلة عَمِل عَمَلا وقولهم لابِثٌ يدُلُّك على أنه من هذا الباب وقالوا مَكَثَ يَمْكُث مُكُوثا كما قالوا قَعَد يَقْعُد قُعُودا وقال بعضهم مَكُثَ شبَّهه بظَرُف لأنه فِعْل لا يتعدَّى كما أن هذا فِعْل لا يتعَدّى وقالوا المُكْث كالشُّغْل والقُبْح لأن بِنَاء الفعْل واحدٌ في مكُث يمْكُث وقَبُح يَقْبحُ وقال بعضُ العربِ مَجَن يَمْجُن مُجْنًا كالشُّغْل فيما يتعَدَّى وفَسَقَ فِسْقا كما قالوا فَعَلَ فِعْلا فيما يتَعَدَّى وقالوا حَلَف حَلِفًا كما قالوا سَرَق سَرِقًا فيما يتعَدَّى وأمّا دخَلْته دُخُولا ووَلَجْته وُلُوجا فانما هى على وَلَجْت فيه ودَخَلْت فيه ولكِنَّه ألْقَى في استِخْفافًا كما قالوا نُبِّئْت زَيْدا وإنما يُرِيد نُبِّئت عن زيْدٍ ومثلُ الحارِدِ والحَرْد قولُهم حمِيَتِ الشمسُ تَحْمَى حَمْيا وهى حامِيَةٌ قال الشاعر
تَفُور عَليْنا قِدْرُهم فنُدِيُمها |
|
ونَفْثَأُها عَنَّا اذا حَمْيُها غَلَى |