ولا تُجْعَل قياسا في كلِّ شئ من هذا الباب وانما هى بدل من واو أَوْلَجْت أوَلَا تَرَى أنه لا يقال أتْلَعْت في أَوْلعت فمن ذلك قولُهم مِنْساةٌ وهى العَصَا وانما أصلُها مِنْسأَة لأنه يقال نَسَأْتها ـ أى ضربتها ونَسَأْتُها ـ أى أخَّرْتها ونَسَأْتها ـ أى طردتُها فيحتمل أن تكون العَصَا من هذه الوُجُوه* قال* وقد يجوز في ذا كلِّه البدلُ حتى يكون قِياسا إذا اضْطُّر الشاعرُ* قال أبو على* مذهب سيبويه أن كل همزة متحركة اذا كان قبلها فتحةٌ جاز قلْبُها ألِفا في الشِّعر وان لم يكن مسمُوعا فى الكلام وكل همزة متحركة وقبلها كسرةٌ يجوز قلْبُها ياءً في الشعر وان لم يكن مسمُوعا في الكلام قال الشاعِرُ وهو الفرزدق
راحَتْ بمَسْلَمةَ البِغَالُ عَشِيَّةً |
|
فارْعَىْ فَزَارَةُ لا هَنَاكِ المَرْتَعُ |
وانما كان الوجه أن يقال لَا هَناك المَرْتَعُ فأبْدلَ الالفَ مكانَها ولو جعلها بَيْنَ بَيْنَ لانْكسَر لأن همزةَ بيْنَ بَيْنَ متحرِّكة ولا يتَّزِنُ البيتُ بحرْف متحرِّك وقال حسان
سالَتْ هُذَيْلٌ رسُولَ اللهِ فاحِشةً |
|
ضَلَّت هُذَيْل بما قالَتْ ولم تُصِبِ |
وقال القرشِىُّ وقيل إنه لبعض السَّهْمِيِّين
سالَتَانِى الطَّلاقَ أنْ رأتَانِى |
|
قَلَّ مالىِ قد جِئْتُمَانى بنُكْرِ |
فهؤُلاء ليس من لُغتهم سِلْت ولا يَسَال وبلَغنا أنّ سَلْت تَسَال لغةٌ وأكثرُ العربِ يقولُون سأَل يَسْأَل بالهمز ومنهم من يَقُول سَال يَسَالُ كما يقول خافَ يخافُ والألف منقلبة من الواو وقد حُكِى هما يَتَساوَلانِ والشاهد أن هذيْنِ الشاعِريْنِ لغتُهما سأل بالهمز وانما اضْطُرَّ الى تحويلهِ مثل لا هَناكِ المرتَعُ وقال عبد الرحمن ابنُ حسان
وكُنْتَ أذَلَّ من وَتِدٍ بِقَاعٍ |
|
يُشَجِّج رأْسَه بالفِهْرِ وَاجِى |
يريد الواجئَ وهذا أيسرُ لأنه يجُوز في الكلام أن تقولَ هذا واجى اذا وقفت لأن الهمزة تسْكُن اذا وقفْت عليها وقبلها كَسْرة فتقلَبُ ياءً كما يقال في بِئْر بِيْر* قال* ونَبِىٌّ وبَرِيَّةٌ ألزمها أهلُ التحقيق البَدَل وليس كلُّ شئ نحوُهما يُفْعَل به ذا انما يُؤْخَذ بالسَّمْع وقد بلغَنا أن قوما من أهلِ الحِجاز من أهل التحقِيق يحققون نَبىء وبَرِيئة وذلك قليل رَدِىء والبدل هاهنا كالبدَل في مِنْساة وليس بدلَ التَّخْفِيف وإن