الابلَ كثير فقد تَكَرَّر فيه العِلَاط وعلى هذا شاةٌ مذبوحٌ وغَنَم مُذَبَّحة وباب مُغْلَق وأبوابٌ مُغَلَّقة وجَرَحتِ الرجلَ ـ اذا جَرحْته مَرَّة أو أكثَرَ وجَرَّحته ـ اذا أكْثَرت الجِراحاتِ في جسَده وقالوا ظَلَّ يُفَرِّسها السَّبُع ويُؤَكِّلُها ـ اذا أكثَرَ ذلك فيها وقالوا مَوَّتَتْ وقَوَّمَتْ ـ اذا أردْتَ جَمَاعةَ الابِل أنَّها ماتَتْ وقامَتْ وقالوا وَلَدت الشاةُ ووَلَّدتِ الغنَمُ لأنها كثيرةٌ وقالوا يُجَوِّل ويُطَوِّف ـ يُكْثِر الجَوَلان والطَّواف* واعلم أنَّ التخفيفَ في هذا كلِّه جائزٌ عربىٌّ الا أن فَعَّلت إدخالُها هُنا أجودُ ليبَيِّن الكثيرَ وقد يدخُل في هذا التخفيفُ كما أن الرِّكْبةَ والجِلْسة قد يكون معناهما في الرُّكُوب والجُلُوس ولكن بيَّنوا بها الضَّرْبَ فصار بناءً خاصّا له كما أن هذا بناءٌ خاصٌّ للتكثير أعنى أن التخفيفَ قد يجوزُ أن يُراد به القليلُ والكثيرُ فاذا شدَّدت دَللتَ به على الكثير وقد مضى هذا كما أن الرُّكوبَ والجُلُوس قد يقَع لِقَليل الفِعل وكثيرِه ولجميع صُنُوفه فاذا قلت الرِّكْبة والجِلْسة دَلَّ على هَيْئته وحالهِ واذا قلت الرَّكْبة والجَلْسة دلَّ على مرَّةٍ واحدةٍ والجُلُوس قد يجوز أن يرادَ به المرَّة ويجوز أن يُراد به المصدَر الذى تقَع عليه الجِلْسة فصار اختصاصُ الجِلْسة بشئٍ خاصٍّ كاختِصاص يُطَوِّف ويُجَوِّل بشئٍ خاصٍّ وصار الرُّكُوب والجُلُوس بمنزلة يَجُول ويَطُوف في أنه يصْلُح للامرين* قال سيبويه* وكما أن الصَّرْف والرِّيح قد يكون فيه معنى صَرْفة ورائِحة يريد أنك اذا قلت صَرَفْته صَرْفا فقد يجوز أن تُرِيد به المرةَ وهى الصَّرْفة واذا قلت شَمِمت رِيحًا فيجوز أن تُرِيد به معنَى الرائِحة كأنه جعل الرائِحةَ للواحدةِ والرِّيح للجنس وهذا في أكْثر الاستعمال قال الله عزوجل (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) فعبر عنها بالرِّيح وهو الكثِيرُ وأما الرائِحةُ فأكثَرُ ما يستَعْمل مما يَفُوح في دُفْعةٍ واحدة ثم أنشد
* ما زِلْت أفْتَحُ أبوابًا وأُغْلِقها*
ثم قال وفُتَّحت في هذا أحسَنُ كما أن القِعْدة في ذلك أحسَنُ لأن اللفظَ الخاصَّ الموضُوعَ لمعنًى أكْشَفُ لذلك المعنَى من أن تأتِىَ بمُبْهَم وقد قال الله عزوجل (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) وقال (وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) فهذا وجه فَعَلت وفَعَّلت مبَيَّنا في هذه الابواب وهكذا صفتُه وهذا الباب جُمْهوره أو عامَّتُه