فقال الخليلُ وسيبويه الذاهبُ هو الساكنُ الثانِى لأنّ الساكنَ الثانِىَ زائدٌ والأول أصلِىٌّ وإسقاطُ الزائد أوْلَى وقال الأخفش والفراء الذاهبُ هو الأوَّل لأن حقَّ اجتماع الساكنين أن يسقُطَ الأوَّلُ منهما وقد أجاز سيبويه أنْ لا تدخُلَ الهاءُ عِوَضا واحتج بقوله عز وجَلَ (وَإِقامِ الصَّلاةِ) ولم يفصل بين ما كان مُضَافا وغيْرَ مُضاف وذكر الفرَّاءُ أن الهاء لا تسقُط الا مما كان مُضافًا والاضافةُ عوضٌ منها وأنشد
إنَّ الخَلِيطَ أجَدُّوا البَيْنَ فانجَرَدُوا |
|
وأخْلَفُوكَ عِدَ الأمْرِ الَّذِى وَعَدُوا |
وذكر أن الأصل عِدَةَ الأمرِ والهاء سقطَتْ للاضافةِ وأن ذلك لا يجُوز في غير الاضافةِ* وقال خالدُ بن كلثوم* عَدِى الأمر جمع عِدْوة والعِدْوة ـ الناحِيَة والجانِبُ من قوله عزوجل (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى) وإنما أراد الشاعر نواحِىَ الأمْرِ وجوانِبَه وأجاز سيبويه أَقْمته إقامًا ولم يُجِزْه الفراءُ وأما قولهم أريتُه إرَاءةً فليس من هذا الباب لأنه لم يعتَلَّ عينُ الفعل منه ولكنه دخَله النقصُ لتَلِينَ الهمزةُ فعُوِّض الهاء وكان الأصل أرْأيتُه إرْءاءً كما تقول أرعَيْته إرْعاء فخفِّفت الهمزةُ في المصدَر كما خُفِّفت في الفعل بأن أُلقِيت حركتُها على الراء وأُسْقِطت فجُعِلت الهاءُ عِوَضا من ذلك* واذا كان الفِعلُ على انْفَعل وافْتَعل وعينُ الفِعْل واوٌ أو ياءٌ فانه لا يسْقُط من مصدره شئٌ لأنه لا يلتقِى فيه ساكنان ولا تلزمُه الهاءُ لأنه لم يسقُطْ شئ تكونُ الهاءُ عِوَضا منه وذلك قولك انْقادَ انْقِيادًا وانْحاز انْحِيازًا واكْتالَ اكْتِيالا واخْتارَ اخْتِيارا* قال سيبويه* وأمَّا عَزَّيتُ تَعْزِيَةً ونحوُها فلا يجوز الحذفُ فيه ولا فيما أشْبَهه لأنهم لا يجيئُون بالياء في شئ من بنات الياءِ والواوِ مما هما فيه في موضِع اللامِ صحيحتينِ وقد يجىءُ في الأوَّل نحو الْاحْواذِ والاسْتِحْواذ ونحوه يريد أن ما كان على فَعَّل فمصدَرُه تفْعِيل أو تَفْعِلة في الصحيحِ كقولك كَرَّمته تَكْرِمةً وتَكْرِيما وعَظَّمته تَعْظِمةً وتَعْظِيما والبابُ فيه تفْعِيلٌ فاذا كان لامُ الفِعْل منه معتَلًّا ألزمُوه تَفْعِلة كراهةَ أن يقَع الاعرابُ على الياء وأرادوا أن تُعْرَب التاءُ وتكونَ الياءُ مفتوحةً أبدا كقولك عَزَّيته تَعْزِيَةً وسَوَّيته تَسْوِيةً ولم يقولوا عَزَّيته تَعْزِيًّا وهذا تَعْزِيُّك وعَجِبت من تَعْزِيِّك لأنَ