أحدَ عشَرَ حرفا على مَفْعِل في المكانِ مما فِعْله على فَعَل يَفْعُل وهى مَنْسِك ومَجْزِر ومَنْبِت ومَطْلِع ومَشْرِق ومَغْرِب ومسْجِد ومَسْقِط ومَفْرِق ومَسْكِن ومَرْفِق كأنهم حمَلُوا يَفْعُل على يَفْعِلُ لانهما أخوانِ* وقد ذكر بعضُ الكوفِيِّين أنه قد جاء مَفْعُل وأنشد في ذلك
* لِيَوْمِ رَوْعٍ أو فَعَال مَكْرُمِ*
وأنشد أيضا
يُثَيْنَ الْزمِى لَا إنَّ لا انْ لَزِمْتِه |
|
على كَثْرةِ الواشِينَ أىُّ مَعُونِ |
فقال بعضُهم مَعُون مَفْعُل في معنى مَعُونة وأصله مَعْوُنة وقال بعضهم مَعُونٌ جمعُ مَعُونة وليس في شئٍ من ذلك ما يَمْنَع ما قاله سيبويه لأن أصلَ الكلامِ مَكْرُمَة ومَعُونة وانما اضطُرَّ الشاعِرُ الى حذفِ الهاءِ والنيةُ الهاءُ ومثل هذا كثيرٌ في الشعر كقوله
* أمَا ترَيْنِى اليَوْمَ أُمَّ حَمْزِ*
يريدون حمزة* وقول الآخر «أَمالِ بن حَنْظَلِ» يريد حنظلة وأما المَسْجِد فانه اسمٌ للبيت ولسْتَ تريد به موضِعَ السُّجود وموضِعَ جَبْهتك ولو أردت ذلك لقلت مَسْجَد ويقوّى ذلك ما رُوِى عن الحجاج أنه قال ليَلْزَمْ كلُّ رجُلٍ مَسْجَدَه أراد موضعَه من المسجِد لأنه لا يكونُ لهم تجمُّع في المسْجِد للفِتَن* وقال سيبويه* ونظير ذلك المُكْحُلة والمِحْلَب والمِيْسَم لم ترد موضِعَ الفعل ولكنه اسمٌ لوِعاء الكُحْل وكذلك المُدُقُّ صار اسما له كالجُلْمود وكذلك المَقْبُرة والمَشْرُقة يريدون الموضع الذى تُجمَع فيه القبُور ويَقع فيه التَّشْريقُ ولو أرادوا موضع الفِعْل لقالوا مَقْبَر ولكنه اسم بمنزلة المَسْجِد ومثله المَشْرُبة ـ وهى الغُرْفة اسمٌ لها وكذلك المُدْهُن والمَظْلِمةُ بهذه المنزلة انما هى اسمٌ لما أُخِذ منك ولم ترد مصدَرا ولا موضِعَ فِعْل ولذلك عادَلَ به أبو على الاثْمَ في قوله عزوجل (فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) وقالوا مَضْرِبة السيفِ جعَلُوه اسما للحدِيدةِ وبعض العرب يقول مَضْرُبة كما يقول مَقْبُرةٌ ومَشْرُبة قال فالكَسْر في مَضْرِبة كالضم في مَقبُرة والمَنْخِر بمنزلة المُدْهُن كسروا الحرفَ كما ضمُّوا ثَمَّة* قال أبو على* وأبو سعيد* ولقائل أن يقول ان مَنْخِرا هو من باب مَنْسِك لأنه موضِعُ بَخِير وفعله نَخَر يَنْخُر ومنهم من يَكْسِر الميمَ إتْباعا للخاءِ