قولك للمَكان المَوْعِد والمَوْضِع والمَوْرِد وفي المصدر المَوْجِدَة والمَوْعِدَة فيُزاد في المصدَر الهاءُ للتأنيثِ وانما جاء على مَفْعِل لأن ما كان على فَعَلَ وأوَّلُه واو يلزم مستَقبَلهُ يَفْعِل وأكثر العرب بنوا المَفْعِل من فَعِل يَفْعَل على ذلك فقالوا في وَجِل يَوْجَل ووَحِل يَوْحَل مَوْحِل ومَوْجِل وذلك أنَ يَوْجَل ويَوْحَل وأشباهَهما في هذا الباب من فَعِل يَفْعَل قد يَعْتَلُّ فتُقْلَب الواو مرَّةً ياءً ومرَّة ألِفًا وتَعْتَلُّ لها الياءُ التى قبْلَها حتى تُكْسَر فلما كانت كذلك شَبَّهوها بالأوَّل لأنها في حالِ اعْتِلال ولأن الواوَ منها موضِع الواوِ من الأوَّل وهم مما يُشبِّهُون الشىءَ بالشئ وانْ لم يكن مثلَه في جميع حالاتِه ومعنى قوله فتُقْلب الواوُ ياءً أنه يجوز في يَوْجَل ويَوْحَل يَيْجَلُ ويَيْحَلُ وقوله وألِفًا مرةً يعنى قولهم ياجَلُ وياحَلُ وقوله وتعتَلُّ لها الياءُ يريد أنهم يقولون ييِجَل ويِيحَل فيكسِرُون الياءَ الاولى وحقُّها الفتحُ ومما يقوِّى كسر المَوْجِل والمَوْحِل وان كان من وَجِل يَوْجَل أنهم قالوا علاه المَكْبِر في الصحيح وهو كَبِر يَكْبَر* قال سيبويه* وحدَّثنا يونسُ وغيره أن ناسا من العرب يقولُون في وَجِلَ يَوْجَل ونحوِه مَوْجَل ومَوْحَل وكأنهم الذين يقُولون يَوْحل فسَلَّموه فلما سَلِم من الاعْلال وكان يَفْعَل كيَرْكَب ونحوِه شُبِّه به وقالوا مَوَدَّة لأن الواوَ تَسْلَم ولا تُقْلَب يعنى في قولهم وَدَّ يَوَدُّ ولا يقال يَيَد كما يقال يَيْجَل فصار بمنزِلة الصحيح اذا قلت شَرِبَ يَشْرَب والمَشْرَب للمصدَر والمَكان* وقد جاء على مَفْعَلٍ من هذا الباب أسماءٌ ليست بمصادِرَ ولا أمْكِنةٍ للفِعْل فمن ذلك مَوْحَدٌ ـ وهو اسم معدُول عن واحِدٍ في باب العَدَد يقال مَوْحَد وأُحَاد ومَثْنَى وثُناء ومَثْلثُ وثُلاث ومَرْبَعُ ورُباع وهذا سيذكر في بابه وجاء مَعْدُولا كما عُدِلَ عُمَر عن عامِرٍ (١) ومَوْهَبٌ ومَوْءَلة ـ اسمانِ لرجلَيْنِ ومَوْرَقٌ اسمٌ وقالوا فلانُ بنُ مَوْرَق والمَوْهَبة ـ الغدِيرُ من الماء والمَوْكَلٌ ـ اسمُ موضعٍ أو جبلٍ* وبَنَات الياءِ بمنزلة غير المعْتَلِّ لأنها تتِمُّ ولا تعْتَلُّ وذلك أن الياءَ مع الياء أخفُّ عليهم ألا تَراهم قالوا مَيْسَرة وقال بعضهم مَيْسُرة ومعنى قولنا الياءُ مع الياء أخفُّ عليهم أنك تقُول يَسَرَ يَيْسِر ويَعَرَ يَيْعِر فتُثْبِت الياء التى هى فاءُ الفِعل وقبْلها ياءُ الاستقبال وتقول وَعَد يَعِد فتُسقِط الواوَ فصارت الواوُ مع الياءِ أثقَلَ من الياءِ مع الياءِ
__________________
(١) قلت تبع على بن سيده من قبله في غلطهم في قولهم عدل عمر عن عامر بلا دليل لعدم تمييزهم هنا بين الكلم المنقول والمعدول وانما عمر منقول عن عمر جمع عمرة نكرة فبقى العلم على تنكير أصله كما هو القياس المطرد باتفاق وكتبه محققه محمد محمود لطف الله به آمين