الحمدُ لله مُمْسانا ومُصْبَحَنا |
|
بالخَيْر صَبَّحنا ربِّى ومَسَّانا |
ويقولون للمكان هذا مُتَحامَلُنا ويقولون ما فيه مُتَحامَل ـ أى ما فيه مَحامُلٌ وتقول مُقاتُلَنا تعنى المكانَ وكذلك تقول اذا أردت المُقاتَلةَ قال أبو كعب بنِ مالك
أُقاتِلُ حتَّى لا أَرَى لِى مُقاتلاً |
|
وأَنْجُو إذا غمَّ الجَبانُ من الكَرْبِ |
وقال زيد الخيلِ
أُقاتِلُ حتَّى لا أَرَى لِى مُقاتلاً |
|
وأنْجُو إذا لم يَنْجُ الا المُكَيَّس |
وقال في المكان هذا مُوَقَّانَا وقال رؤبة (١)
* إنَّ المُوَقَّى مثْلُ ما وقِّيتُ*
يريد التَّوقِيَةَ وكذلك هذه الاشياءُ وأما قوله دَع مَعْسُورَه الى مَيْسُوره فانما يجىء هذا على المَفْعُول كأنه قال دَعْهُ الى أمرٍ يُوسَرُ فيه أو يُعْسَر فيه وكذلك المَرْفُوع والمَوْضُوع كأنه يقولُ له ما يَرْفَعُه وله ما يَضَعُه وكذلك المَعْقُول كأنه قال عُقِلَ له شئٌ ـ أى حُبِس له لُبُّه وشُدَ ويُستغْنَى بهذا عن المَفْعل الذى يكون مَصدَرا لأن فى هذا دليلا عليه* قال أبو على* «ولا أدرى أين ذَكَره غير أنى علَّقْته من لفظه» اعلم أن المَفْعُول عِنْد بعضِ النحويِّين يجوزُ أن يكونَ مصدَرا وجعَلُوا هذه المفعُولات التى ذكرها سيبويه مصادِرَ فالميسُور عِنْدَهم بمنزِلة اليُسْر والمَعْسُور كالعُسْر والمَرْفُوع والمَوْضُوع والمعْقُول كالرَّفْع والوَضْع والعَقْل وقالوا في قوله عزوجل (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) أى بأيكم الفِتْنةُ وكلام سيبويه يدلُّ أنها غير مَصادِر وأنها مفعولات هذا وقْتٌ مَضْروبٌ فيه زيْدٌ وعَجِبْت من زَمانٍ مضْروبٍ فيه زيدٌ وجعل المرفُوعَ والموْضُوعَ هو الذى يَرْفعُه الانسانُ ويَضَعه تقول هذا مَرْفُوعُ ما عِنْدِى ومَوْضُوعه ـ أى ما أرفَعُه وأضَعُه وجَعَل المعقُولَ مشتَقًّا من قولك عُقِلَ له ـ أى شُدَّ له وحُبِسَ فكأنّ عقْلَه قد حُبِسَ له وشُدَّ واستُغْنِى بهذه المفْعُولات التى ذكَرْنا عن المَفْعَل الذى يكونُ مصدَر الأن فيها دليلا على المَفْعَل* وقال بعض أهل العلم في قوله عز وجَلَ (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) إن الباءَ زائدة ومعناه أيُّكم المفتُون ومثلُه في زيادةِ الباء قولُه تعالى في بعض الأقاويل (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) أى تُنْبِت الدُّهْن وقال الشاعر
__________________
(١) قلت قول على ابن سيده وقال رؤبة خطأ محض تبع فيه بعض الرواة الذين لا يميزون بين شعر رؤبة وشعر أبيه العجاج حقيقة التمييز والحق ان المصراع المستشهد به لأبيه أبى الشعثاء العجاج من قصيدة يمدح بها مسلمة بن عبد الملك بن مروان مطلعها قوله
يا رب ان أخطات أونسيت |
|
فأنت لا تنسى ولا تموت |
ان الموتى مثل ما وقيت |
|
أنقذني من خوف من خشيت |
الى أن قال يخاطبه مسلم لا انساك ما بقيت فضلك والعهد الذي رضيت لو أشرب السلوان ما سليت ما بي غنى عنك وان غنيت وكتبه محققه محمد محمود لطف الله به امين