بعضُ القُرَّاء النونَ الساكِنةَ قبْلهما في مثل قوله عزوجل (مِنْ خَوْفٍ) وما أشبه ذلك* ومما جاء على الأصل مما فيه هذه الحروفُ عَيْناتٌ قولهم زَأَرَ يَزْئِرُ ونَأَم يَنْئِم من الصَّوت كما قالوا هَتَفَ يَهْتِفُ ونَهَق يَنْهِق ونَهَت يَنْهِت والنَّهِيت صَوْت وقالوا نَعَر يَنْعِر ورَعَدتْ تَرْعُد وقَعَد يَقْعُد وقالوا شَحَج يَشْحِجُ ونَحَتَ يَنْحِت ونَغَرت القِدْرُ تَنْغِر ونَحَزَ يَنْحِرُ والنُّحَاز ـ السعال وقالوا شَحَب يَشْحُب مثل قَعَد يَقْعُد ولَغَب يَلْغُب وَشَعر يَشْعُر ونَخَل يَنْخُل كل ذلك مثل قَتَل يَقْتُل* قال سيبويه* بعد ذكره فتح ما يُفتح من أجل حروف الحلق ولم يُفْعَل هذا بما هو من موضع الواو والياء لانهما من الحروف التى ارتفعت والحروف المرتفعة حَيِّزٌ على حِدَة فانّما تتناول للمرتفع حركةً من مرتفع وكُرِه أن يُتَناوَل للذى قد سَفَل حركةٌ من هذا الحَيِّز يريد أن ما كان من موضع الواو والياء من الحروف لا يلزمه أن تكون الحركة مأخوذة من الواو ولا من الياء بل يجىء على قياسه ولا تُغَيِّر الواوُ ولا الياء حكمَ القياس فيه والذى هو من مخرج الواو الباءُ والميم والذى من مخرج الياء الجيم والشين تقول ضَرَب يضرِب وصَبَر يصبِر ونَحَم يَنْحِم وحَمَل يَحْمِل فكُسِرت هذه الحروف وان كانت من مخرج الواو وتقول شَجَب يَشْجُب وشَجَن يَشْجُن ومَشَق يَمْشُق ولم يكسر ذلك من أجل الياء لان موضع الواو والياء بمنزلة ما هو من مخرج واحد لاجتماعهما في العلو عن الحَلْق وتقارب ما بينهما* واعلم أن فَعَل يَفْعِل انما جاز فيه الخروج عن قياس نظائره من حروف الحلق أن فَعَل لا يَلْزَم مستقبله شئٌ واحد لانه يجىء على يَفْعِل ويَفْعُل كقولك ضرب يضرِب وقَتَل يقتُل واستجازوا أن يَخْرُجوا منه الى يفعَل لما ذكرت لك من العلة فاذا كان الفعل يلزمه وزن لا يتغير لم يَحْفِلوا بحرف الحلق ولزموا القياسَ الذى يوجبه الفعل فمن ذلك ما زاد ماضيه على ثلاثة أحرف كقولك اسْتَبْرأَ يَسْتَبْرئ وأَبرأ يُبْرِئ وانْتَزَع يَنْتَزع وجَرَّأ يُجَرِّئ وبارَأَ يُبارِئ واطْلَنْفَأ بالارض يَطْلَنْفِئ ـ اذا لَصِقَ بها وقالوا فيما كان ماضيه على فَعُل يَفْعُل ولا يُغَيِّرِه حرف الحلق لان ما كان على فَعُل لزم فيه يَفْعُل مما ليس فيه حرف حلق تقول صَبُحَ يَصْبُح وقَبُح يَقْبُح وضَخُم يَضْخُم وقالوا مَلُؤَ يَمْلُؤ وقَمُؤَ يَقْمُؤ وضَعُف يَضْعُف وقالوا مَلُؤ فلم يفتحوها لانهم لم يريدوا أن يُخْرِجوا فَعُل من هذا الباب وأرادوا أن تكون