وأذكُر من شَواذِّ المَصادِر التى شذَّت من جِهة الاعْراب واصِلاً له بالمصادِر المتقدِّمة لتكونَ المصادِرُ في هذا الكتاب مجموعةً* حكم المصدر اذا وَقَعَ مَوْقِع الحال أن لا تدخله الالف واللام ولا يضاف الى المعرفة وقد جاءت مصادرُ وأُدْخِلَت فيها الالف واللام وأضيفت الى المعرفة وقد ذكر سيبويه من ذلك شيأ وأنا أذكر ما ذَكَره وأَزِيد وأبدأ أوّلا بالمصادر المنتصبة عن الافعال التى ليست من ألفاظها بل هى من أنواعها وأُمَيِّز من يَطْرُد ذلك ممن لا يَطْرُدُه وبالله التوفيق* قال سيبويه* فى باب ما ينتصب من المصادر لأنه حال وقع فيه الامر تقول قَتَلْتُه صَبْرًا ولَقِيتُه فُجَاءةً ومُفَاجأة وكِفَاحا ومُكافَحة ولَقِيتُه عِيَانًا وكَلَّمْته مُشَافَهةً وأتَيْتُه رَكْضًا وعَدْوًا ومَشْيًا وأَخَذْتُ ذلك عنه سَماعا وسَمْعًا وليس كلُّ مصدرٍ وان كان في القياس مِثْل ما مَضَى من هذا الباب يُوضَع هذا الموضعَ لان المصدر هنا في موضع فاعِلٍ اذا كان حالا ألا ترى أَنَّه لا يَحْسُن أن تقول أَتانا سرْعةً ولا أتانا رُجْلةً كما أنه ليس كلُّ موضع يُسْتَعْمل في باب سَقْيًا وحَمْدًا فقد تَبَيَّن من كلام سيبويه أن هذا الباب عنده غَيْرُ مُطَّرد وأبو العباس يَطْرُدُه فيقول أتانا سُرْعةً ورُجْلَةً والعاملُ فيه عند سيبويه ما قَبْلَه من الفعل فالعامل في صَبْرًا قَتَلْتُه وفي مَشْيًا ورَكْضًا وعَدْوًا أَتَيْتُه وفي سَمْعا وسَمَاعا أَخَذْتُه والعامل فيه عند أبى العباس فِعْلٌ مضمر من لفظه كأَنَّه يَمْشِى مَشْيا ولو كان كما ذَهَب اليه لجاز أَتَيْتُه المَشْىَ كما تقول هو يَمْشِى المَشْىَ ومَشَى المَشْىَ وهو لا يُجِيز ذلك ومن هذا الباب قوله
فَلْأَيًا بِلَأْىٍ ما حَمَلْنَا وَلِيدَنا |
|
على ظَهْرِ مَحْبُوك ظِمَاءٍ مَفَاصِلُهْ |
التقدير فيه فَلَأْيًا وَلِيدَنا ومُبْطِئِين حَمَلْنا وَلِيدَنا وقد ألْتَأَتْ عليه الحاجةُ ـ أَبْطَأَتْ وقال الراجز
* ومَنْهَلٍ وَرَدْتُه الْتِقَاطا*
أى فُجَاءة وهو من الاوّل فهذا ما حكى سيبويه من هذا الباب وحكى غيره وَرَدْتُ الماءَ نِقَابا ـ أى التقاطا وحكى غيره لَقِيتُه بُلْطَةً ـ أى فُجَاءة وقالوا لَقِيتُه صِقَابا وصِرَاحا مثل الالْتِقَاط