هذا عندى كما قال وليس يُحتاج في هذا الى تقْدِير على اذا كان المَرْصَد اسما للمَكان كما أنك اذا قلت ذَهَبت مَذْهبا ودخَلْت مَدْخَلا فجعلت المَذْهب والمَدْخَل اسمين للمكانِ لم تَحتَجْ الى على ولا إلى تقديرِ حرفِ جرٍّ إلا أنّ أبا الحسَن ذهب الى أنّ المَرْصَد اسمٌ للطريق كما فسره أبو عبيدة واذا كان اسما للطريق كان مَخْصُوصا واذا كان مخْصُوصا وجب أن لا يصل الفعل الذى لا يتَعدّى اليه الا بحرف نحو ذهَبْت الى زيد ودَخَلت به وخَرَجْت به وقَعَدت على الطريقِ الا أن يجىء في شئٍ من ذلك اتساعٌ فيكون الحرفُ معه محذُوفا كما حكاه سيبويه من قولهم ذَهَبْت الشامَ ودخَلْت البيتَ فالأسماءُ المخصوصةُ اذا تعدَّت اليها الأفعال التى لا تتعَدَّى فانما هو على الاتساع والحُكْمُ في تعدِّيها اليها والأصلُ أن يكونَ بالحرف وقد غَلِط أبو إسحاقَ في قوله (كُلَّ مَرْصَدٍ) ظَرْف كقولك ذهَبْت مَذْهبا وذهَبْت طرِيقًا وذَهبْت كلَّ طرِيق في أن جعَل كلَّ طرِيق ظَرفا كالمَذْهب وليس الطريقُ بظرف ألا تَرَى أنه مكانٌ مخصوصٌ كما أن البيتَ والمسجِدَ مخصوصانِ وقد نصَّ سيبويه على اختصاصِه والنصُّ به ليس كالمَذْهَب والمكان ألا ترى أنه حَمَلَ قول ساعدةَ
لَدْنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه |
|
فيه كما عَسَل الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ |
على أنه قد حذِف الحرفُ معه اتِساعا كما حُذِف عِنده من ذهَبْت الشامَ وقد قال أبو اسحاقَ في هذا المعنى خلاف ما قال هنا ألا ترى أنه قال في قوله تعالى (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) ـ أى على طَرِيقك* قال* ولا اخْتِلافَ بينَ النحوِيِّين أن على محذوفةٌ ومثل ذلك ضُرِبَ زيدٌ الظَّهرَ والبَطْنَ معناه على الظَّهْر والبطنِ مخصوص من قولهم الظَّهْر والبَطْن وذهب الى أن على محذوفةٌ وأنه لا اختلافَ بين النحويِّين في ذلك فاذا كان كذلك بلا خِلاف لم يجز أن تجعَلَه مثل ما هو مبهَمٌ ظَرْف بلا خِلاف من قوله ذهَبْت مَذْهبا فاذا كان الصِّراطُ اسما للطريق وكان اسما مخْصُوصا ومما لا يصِحُّ أن يكونَ ظَرْفا لاختصاصه والمَرْصد مثلُه أيضا في الاختِصاص وأنه عبارةٌ عنه كما أن الصِّراط عبارةٌ عنه وجبَ أن يكون مثلَه في الاختِصاص وأن لا يكونَ ظَرفا كما لم يكُنِ الصِّراطُ والطريقُ ظرفيْنِ* غيره* تَعلَّقْتك وتَعلَّقت بك وكَلِفْتُك وكَلِفْت بِك وانما سَهُل في الباء لأنها أصلٌ لجمِيع